للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل تجب لها نفقة على إخوتها؟!]

المجيب د. نايف بن أحمد الحمد

القاضي بمحكمة رماح

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام

التاريخ ١/٠٥/١٤٢٥هـ

السؤال

والدي أنجب خمس بنات وولدين، أكبر الولدين ولد معاق عقلياً لا يستطيع مساعدة نفسه؛ لكونه لا يستطع الحركة، وأنا البنت الكبرى عند أهلي، مرض والدي وأنا في العشرين من عمري، فتحملت أنا مسؤولية البيت، وعملت لكي أعيل الأسرة، وعندما أصبحت في الثلاثين من عمري توفي والدي، فقمت بتعليم إخواني في الكليات، وأخيراً قمت بتعليم أختي الصغرى في الجامعة، حتى أصبحت مهندسة وتحضر لرسالة الماجستير، الحقيقة أن أخواتي قد تزوج منهن حتى الآن ثلاث، وذهبت كل واحدة في حال سبيلها، أما عن أخي الثاني فإنه لا يهتم إلا بنفسه، ولا يعطي أمي إلا نصيبه من المأكل والمشرب في المنزل، أنا أعطاني الله الكثير من الجمال، ولكنني الآن في التاسعة والثلاثين، الحقيقة لم يطرق بابي طارق زواج إلا ما ندر، وهي حكمة لا يعلمها إلا الله، وأجد نفسي بعد هذا العمر الطويل بكل ما حملته من تعب وكأنني لم أفعل شيئاً، ولا أزال أصرف على العائلة، ولم أخرج من الدنيا بشيء لا زوج ولا ولد ولا مال، ماذا أفعل؟ هل أنا ملزمة بوالدتي وأخي المعاق كونهم لا أحد لهم غيري؟ هل أستحق من أخواتي نفقة لكوني قمت بتعليمهم والاعتناء بهم طوال هذا العمر؟.

الجواب

الحمد لله وحده، وبعد:

النفقة على الأقارب تعتبر من البر والصلة لهم، وهي من القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى ونفقة القريب -عدا الوالدين وإن علوا، والأولاد وإن نزلوا- لا تجب إلا بثلاثة شروط:

الأول: أن يكون المنفق وارثاً لمن ينفق عليه، لقوله تعالى: "وعلى الوارث مثل ذلك" [البقرة من الآية: ٢٣٣] ، فإن كان أحد إخوتك له أولاد فأنت لا ترثين منه شيئاً لو مات، فهنا لا تجب عليك نفقته.

الثاني: فقر المنفق عليه وعجزه عن التكسب، فإن كان أحد إخوتك قادراً على التكسب وتركه، لا يلزمك نفقته؛ لكون التقصير صادراً بإرادته.

الثالث: غنى المنفق، فإن كنت فقيرة فلا يلزمك نفقة إخوتك، بل يلزم الغني منهم أن ينفق عليك، ومن وجبت عليك نفقته من إخوانك فالواجب عليك قدر إرثك منه، وباقي النفقة على باقي الورثة.

أما ما يتعلق بعدم تقدم أحد لخطبتك مع ما تتمتعين به من جمال فقد يكون بسبب خوف من يرغب الزواج بك عدم قبوله، لذا أرى أن توصي إخوتك وأعمامك وأخوالك ووالدتك أن يبحثوا لك عن زوج، وأن يعرضوا على من يروا فيه خيراً وصلاحاً أن يتزوجك، وهذا كان نهج السلف الصالح، فقد عرض أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- بنته حفصة على عثمان -رضي الله عنه- قبل أن يخطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، رواه ابن أبي شيبة (٦/٣٦٥) ، وكذا عرض سعيد بن المسيب ابنته على أحد تلاميذه وكانت من أجمل النساء، أسأل الله تعالى أن يرزقك زوجاً صالحاً يسعدك، وذرية مباركة تملأ حياتك براً وسعادة، والله تعالى أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>