للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[طلبت من والديها الخروج من بيتها، فهل هو عقوق؟!]

المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي

كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام

التاريخ ٧/١٠/١٤٢٤هـ

السؤال

ما رأي الدين في سيدة يعيش معها أبوها، وهي تطلب منه أن يكتري منزلاً ليعيش فيه هو وأمها؛ وذلك كي تعيش وحدها مع أبنائها؟ علما أن أبويها قادران مادياً أن يفعلا ذلك، هل يدخل هذا التصرف في باب عقوق الوالدين؟ أم أن لها الحق أن تفعل ذلك؟. والسلام عليكم.

الجواب

إن وجوب الإحسان إلى الولدين والبر بهما في حياتهما وبعد وفاتهما، من المعلوم من الدين بالضرورة؛ لكثرة النصوص في ذلك، قال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً " [الإسراء:٢٣] ، وقال تعالى: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً" [النساء: من الآية٣٦] ، وفي حديث أنس - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث طويل: "رغم أنف رجل أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة" رواه مسلم.

كما أن الإساءة إليهما وأذيتهما بأي نوع من الأذى من الموبقات وكبائر الذنوب، قال تعالى: "إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً" [الإسراء: من الآية٢٣] ، تأمل قوله تعالى: (عندك) الظرفية وهي تشمل الزمان والمكان، وقوله تعالى: (أف) ، فكيف بما هو أبلغ من ذلك وأشد إيلاماً، وقد عد النبي - صلى الله عليه وسلم - عقوق الوالدين من أكبر الكبائر.

والمسلم يحرص على اغتنام جميع الفرص لرد بعض جميل والديه عليه، فكيف بمن أتيحت له فرصة إسكانهم معه في البيت ومن ثم القيام بخدمتهم والعناية بهم والإنفاق عليهم من خالص ماله؟ هذه نعمة ينبغي الحرص عليها، والعض عليها بالنواجذ وعدم التفريط فيها.

ولا شك أن من طلب من والديه مغادرة بيته الخاص ليستقلوا بسكن لم يكن باراً بهم، اللهم إلا أن تكون هذه المرأة -موضع السؤال- تعيش في بيت زوجها، وزوجها غير مرتاح لبقاء والدي زوجته عنده في البيت، فيكون الطلب في هذه الحالة مشروعاً، أو أن تكون هناك ظروف أخرى لم تذكر، فهذه حالات خاصة لا يشملها الحكم العام، ولكل حادثة بتفاصيلها حديث، وأما الأمر العام فهو ما ذكر، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>