للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وهبت أملاكها لابنها دون أخواته]

المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام

التاريخ ٩/٦/١٤٢٥هـ

السؤال

أبي وحيد، وله ثلاث أخوات، ولكنهن لا يبرَّن بأمهن إلا واحدة، فإنها تبرها؛ لأجل كلام الناس، وأما أبي فإنه ينفق على جدي وجدتي، ونحن نصلهم دائماً، فما كان من جدتي إلا أن سجلت كل أملاكها باسم والدي، ولقد رفض في البداية، ولكنها أصرَّت، وقيمة هذه الأملاك ما يقارب الثلاثين ألف دولار، وقد أعطاها أبي مقابل ذلك ذهبا بقيمة ألف دولار كهدية، فهل تسجيلها أملاكها باسم أبي جائز؟ وهل ما فعلوه جائز؟ أفيدونا جزاكم الله خبراً.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وبعد:

فإن الله -تعالى- أوجب الإحسان إلى الوالدين، وطاعتهما بالمعروف في كثير من نصوص الكتاب والسنة، وأجمع على ذلك علماء الملة، فقال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا" [الإسراء: ٢٣-٢٤] ، فقد أمر جل وعلا في هذه الآية الكريمة بإخلاص العبادة له وحده، وقرن بذلك الأمر بالإحسان إلى الوالدين، ومثل ذلك في آيات أخر، كقوله في سورة النساء: "وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ... " [النساء: من الآية ٣٦] ، وقوله في سورة البقرة: "وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" [البقرة: من الآية ٨٣] ، وقوله في سورة لقمان: "أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ" [لقمان: ١٤] ، وبر الوالدين واجب في كل وقت، إلا أنه -سبحانه- قد خص في الآية الأولى حالة الكبر؛ لأنهما حينئذ أحوج إلى البر والقيام بحقوقهما لضعفهما، لا أن المقصود أن البر لا يكون إلا في هذا الوقت. ولتأكيد حق الوالدين فإن برهما لازم، حتى ولو كانا مشركين داعيين إلى شركهما، قال تعالى في سورة لقمان: "وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِى الدُّنْيَا مَعْرُوفاً" [لقمان: من الآية ١٥] ، فالإحسان إلى الوالدين معناه: أن لا يؤذيهما البتة، وأن يوصل إليهما من المنافع قدر ما يحتاجان إليه؛ ويدخل في ذلك دعوتهما إلى الإيمان إن كانا كافرين، وأمرهما بالمعروف على سبيل الرفق إن كانا فاسقين، كما يشمل الإحسان إلى الوالدين جميع وجوه الإحسان القولي والفعلي، فمن أنواع الإحسان القولي اصطفاء الكلام الطيب لهما، ومن أنواع الإحسان الفعلي الإنفاق عليهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>