للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قول المعترض: وددت أن الرسول -صلى الله عليهم وسلم- قال: "سيكافئهم" بدل من قوله: "ألاّ يعذبهم" فهذا الكلام خطأ عظيم من القائل ويخشى على هذا القائل، فهذا استدراك على حكم الشارع، وهو جهل من القائل، فقوله: لو أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعبر بـ"يكافئهم" هذا قول مردود فالنبي-صلى الله عليه وسلم- هو أعلم الناس، وهو أعلم بما يخبر به عن رب العالمين وهو مؤتمن على ذلك، والنبي-صلى الله عليه وسلم- لا ينطق عن الهوى وهو معصوم بالإجماع فيما يتعلق بتبليغ الشرع. وهذا الكلام جهل من القائل ولا ينبغي له أن يكون مستدركاً على الشارع متعقباً عليه بل يكون حاله مع الشرع حال التسليم والانقياد والقبول لما جاء به النبي-صلى الله عليه وسلم- وهذا من شروط شهادة ألاّ إله إلا الله، وجعل أمور الشرع مجالاً للانتقاد والكلام فيها لا شك أنه مسلك خطير، بالإضافة إلى ما فيه من تضييع الأوقات وصرف الكلام بما لا يعود بالنفع على العبد بل يعود عليه بالضرر المحض. والأمة في الأزمنة الأخيرة اعتادت أن تتكلم كثيرا ولا تفعل إلا القليل، والجدل لا خير فيه فكيف إذا كان الجدل في أمور محسومة من قبل الشارع. فينبغي للقائل أن يصرف وقته فيما يعود عليه بالنفع وأن يحرص على زيادة إيمانه ويكون موقفه من الشرع موفق المسلم المنقاد الراضي بما جاء، لا موقف المنتقد المستدرك. وعلى السائل أن يترك جدال هذا الشخص القائل، فجميل بن زيد قال للإمام مالك: الرجل يكون عالماً بالسنة يخبر بها، قال: نعم، قال يجادل بها، قال: لا. فهذا المسلك مشهور عند أهل العلم عدم المجادلة مع أهل الباطل في الأصل وإن كانت توجد استثناءات ليس هذا محلها، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>