للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل من حق الزوج إجبار زوجته على المضاجعة]

المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع

التاريخ ٢٦/١١/١٤٢٤هـ

السؤال

هناك قضية تثير جدالاً عنيفاً في جاليتنا في ميونخ، ونحتاج فيها إلى جواب واضح صريح مدعوم بالأدلة، إذا رفضت الزوجة الجماع مع زوجها بدون سبب أو بقصد إضراره فهل يجوز له أن يجبرها على الجماع بقوة؟ نرجو منكم جواباً صريحاً مدعوماً بالأدلة يوضح الحكم الشرعي: هل يجوز أم لا يجوز؟ وشكراً.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فالحديث الذي يتوعد المرأة بأن تلعنها الملائكة حتى تصبح إذا هي هجرت فراش زوجها ليس على إطلاقه كما يتوهم بعضهم، بل هو مخصوص بمن لا عذر لها في ذلك، ومجرد عدم رغبتها لا يعد عذراً يبيح لها الرفض.

أما فإن كانت الزوجة معذورة بعذر شرعي كحيض أو صوم قضاءٍ ضاق وقته، أو بعذر حسي كمرضٍ ونحوه، أو معنوي كشدة غم وحزن، أو مرض نفسي، وما إلى ذلك من الأعذار التي تمنعها من أن يستمتع بها زوجها - فلا يجوز له أن يكرهها عليه بالقوة؛ لما في ذلك من الإضرار بها، وفي الحديث:"لا ضرر ولا ضرار" ابن ماجة (٢٣٤٠) وأحمد (٢٨٦٢) ومالك (١٤٦١) وصححه الألباني وقال - تعالى -:"ولا تضاروهن" [الطلاق:٦] وقال أيضاً:"وعاشروهن بالمعروف" [النساء:١٩]

وليس من المعاشرة بالمعروف أن يكرهها على حاجته إذا كانت تضرها.

وإذا هجرت فراش زوجها بغير عذر فهي ناشز يباح له تأديبها، ويبدأ بالوعظ فإن لم ينفع هجرها فإن لم يُجْدِ ضربها ضرباً غير مبرح، كما بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله:"وإن لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح" أخرجه مسلم (١٢١٨) .

وهنا لا بد من بيان المقصود بالضرب غير المبرح: هو الضرب غير الشديد، يقول ابن عباس - رضي الله عنهما- لما سئل عنه:"هو بالسواك ونحوه"

وأما الضرب المبرح فلا يجوز بحال، كما لا يجوز الضرب في الوجه والمواضع المخوفة كالرأس والبطن ونحو ذلك.

على أن الضرب إنما هو رخصة وليس بمستحب، وذهب عامة أهل العلم على أن تركه أفضل مطلقاً، وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما تروي عائشة -رضي الله عنها- "ما ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً قط بيده ولا امرأة، ولا خادماً" أخرجه مسلم (٢٣٢٨) .

ويجب أن يكون الضرب بقصد الإصلاح لا بقصد الانتقام والإهانة، وعلى الزوج ألا يلجأ إلى الضرب إذا غلب على ظنه أنه لا يصلحها، فإن من النساء من لا يزيدها الضرب إلا عناداً ونفوراً، ولو كان ضرباً غير مبرح، وعليه أن يحلم عليها، ويطيلَ معها أسلوب الوعظ والتذكير، فوعْظُها وهي في لحظة غضبٍ لا ينفع غالباً، وكثيراً ما تأخذها العزةُ بالإثم، ولا يكون لموعظتِه في تلك اللحظة موضعُ قبولٍ في نفسها، فعليه أن يتوخى وقتاً مناسباً يراها فيه هادئةَ النفس مستقرةَ الحال....في لحظة لا يساورها فيها غضب يغطي عقلها، ولا حزن ولا قلق يشغل بالها ونفسها.

<<  <  ج: ص:  >  >>