للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل يجوز الإجهاض في هذه الحالة؟]

المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى

أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل

التاريخ ٠١/٠٤/١٤٢٦هـ

السؤال

حملت زوجتي بولدنا الأول بعد فترة وجيزة من الزواج, وبعد ستة أشهر من هذا الحمل تبين أن الجنين يعاني من استسقاء في الدماغ: أي أن حجم قشرة الدماغ صغيرة جداً، مقارنة بحجم تجويف الجمجمة، وباقي الجمجمة مليئة بالسائل الدماغي الشوكي، وجاء المولود -والحمد لله- كما هو متوقع طبياً يعاني من المشكلة، بالإضافة إلى صغر في الحجم، إذ إن عمره الآن ثلاث سنوات، ووزنه ٤كيلو ونصف، وكذلك يعاني من شلل رباعي، ولا يملك التحكم في العضلات الإرادية أبداً، حتى إنه لا يملك أن يجلس أو أن يسند رأسه ولو لثوانٍ، وكذلك تأتيه التشنجات باستمرار، فهو بحاجة إلى المهدئات باستمرار، علاوة على أن التطور العقلي معدوم طبعاً، وقد أخبرنا الأطباء عند ولادته -حسب ما يتوفر لهم من معلومات، بعد فحص الطفل وفحصي ووالدته- أن الأمر لن يتكرر في الأحمال اللاحقة بإذن الله، وبالفعل جاء الولد الثاني بدون مشاكل والحمد لله. والآن زوجتي حامل -من فضل الله- في شهرها الخامس، وعند الفحص الدوري لها تبين أن المولود القادم لديه نفس مشكلة الولد الأول، بالرغم من أن الفحوصات الأولية لم يكن بها أية مشكلة.

والسؤال هو أولاً: هل يجوز الإجهاض في هذه الحالة، علماً أن الجنين في شهره الخامس، ولا يشكل أي خطر على حياة زوجتي؟.

ثانياً: هل يجوز أن نتوقف عن الإنجاب، أم في هذا معصية لله والعياذ بالله؟. علماً أني وزوجتي نطرح هذه التساؤلات طلباً في معرفة ما يرضي الله -تبارك وتعالى- ليس تذمراً أو اعتراضاً على حكمه تبارك وتعالى. وجزاكم الله خيراً، ولا تنسونا من الدعاء.

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فالجواب: أرى عدم جواز إجهاض الجنين في الحالة التي ذكرها السائل، ما دام أنه في شهره الخامس؛ لأنه قد نفخ فيه الروح، فالاعتداء عليه اعتداء على نفس كائنة حية لها حرمتها، ولا يجوز -في قول جمهور العلماء- إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فيه إلا في حالة كونه يشكل خطراً على حياة أمه، وقد ذكر السائل أنه لا يشكل أي خطر على حياة أمه، وبناءً على هذا فإنني أنصح بعدم التعرض للجنين، خاصة بعد نفخ الروح فيه مهما كانت البواعث والدوافع للإسقاط، ما عدا الحالة السابقة الذكر، وهو كونه يشكل خطراً على الأم، هذا وقد يخرج سليماً، وقد يشفيه الله -تعالى- بعد ولادته، ومن يتوكل رعايته والعناية به له أجر عظيم عند الله تعالى إذا احتسب ذلك.

أما السؤال عن حكم التوقف عن الإنجاب فنقول: الشرع الحكيم قد حث على الإنجاب، فقد روى ابن حبان في صحيحه (٤٠٢٨) ، وأحمد (١٢٦١٣) ، والطبراني (٥٠٩٩) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة".

وبناءً على هذا فلا ينبغي لكما التوقف عن الإنجاب مطلقاً، لكن يجوز تنظيم النسل باستعمال دواء أو مانع للحمل لفترة، كسنة أو سنين أو حسب ما تقتضيه الحاجة. وفق الله الجميع لكل خير، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>