للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهنا إن كانت غيبة الزوج بسبب طلبه للعلم أو بحثه عن الرزق فله ذلك، ولكن بشرط ألا تتجاوز أربعة أشهر، وهي المدة التي ذكرها الله -تعالى- في الإيلاء؛ قال تعالى: "لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [البقرة:٢٢٦-٢٢٧] .

وذهب بعض الصحابة - رضي الله عنهم- إلى أن يمهل في الغيبة ستة أشهر، إلا بإذن الزوجة، فإن أذنت له فله أن يغيب ما شاء، أما إن لم تأذن له فليس له تجاوز تلك المدة، فإن تجاوزها وطلبت زوجته رجوعه ولم يرجع فللمرأة التقدم إلى المحكمة الشرعية للنظر في فسخ نكاحها منه إن طلبت ذلك.

المسألة الثالثة: وهي تربية الأولاد:

فلا شك أن تربية الأولاد مسؤولية عظيمة تقع على عاتق الوالدين منذ ولادتهم، وتتفاوت الواجبات على كل واحد من الوالدين بقدر ما يحتاجه الولد من التربية، فهو يحتاج إلى أمه في فترات أكثر من حاجته لأبيه، وفي فترة أخرى يحتاج إلى والده أكثر من حاجته لأمه، والإهمال في تربية الأولاد عواقبه وخيمة وسيئة على الولد والوالدين والمجتمع، فالولد يضل وينتكس، والوالدان يجنيان ثمرة إهمالهما عقوقاً وإساءة، والمجتمع دماراً وانهياراً؛ قال عليه الصلاة والسلام: "كلكم راع ومسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم ... " الحديث رواه البخاري (٢٤١٦) ، ومسلم (١٨٢٩) ، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-، وقد كتب العلماء قديماً وحديثاً عن أهمية تربية الأولاد وبينوا الآثار السلبية الناتجة بسبب التقصير في التربية.

وأخيراً أوصي - أختي السائلة- بالصبر على ما ذكرته قدر المستطاع، ولتحرص على إقناع زوجها بالتي هي أحسن بأهمية ما ذكرته وإن استدعى الأمر تدخل بعض الحكماء من الأقارب أو غيرهم، كما أوصي - السائلة - أن تقلل من الطلبات التي تطلبها كثير من النساء مما يتسبب في تعب الزوج في البحث عن زيادة في الدخل ليحقق لزوجته ما تريده. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، والله -تعالى- أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>