للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عورة الأمة]

المجيب هاني بن عبد الله الجبير

قاضي بمحكمة مكة المكرمة

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها

التاريخ ٣/٢/١٤٢٤هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل عورة الأمة من السرة إلى الركبتين؟ وجزاكم الله خيراً.

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فتختلف العورة في مسألة النظر عن العورة في الصلاة، وذلك أن الموضع المعين من البدن قد يكون عورة في الصلاة ولا يكون عورة خارجها؛ كرأس المرأة الذي يجب عليها ستره في الصلاة ولا يجب خارج الصلاة أمام محارمها، وكوجه المرأة الذي تستره أمام الأجانب وتكشفه في صلاتها.

والمرأة لا تصلي إلا مستورة جميع البدن عدا الوجه، ولو لم يكن عندها إلا زوجها لأن ستر الصلاة لحق الله، وستر العورة خارجها لمنع الفتنة والفساد.

والأمة في الصلاة - عند عامة أهل العلم- يجوز لها أن تصلي مكشوفة الرأس.

وقيل عورتها في الصلاة كعورة الرجل من السرة إلى الركبة، وهو قول مشهور في مذهب الإمام أحمد والشافعي (المغني ٢/٣٣٢) .

وإنما حجتهم الحديث الذي رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً:"إذا زوج أحدكم عبده أو أمته أو أجيره فلا ينظر إلى شيء من عورته، فإن ما تحت السرة إلى الركبة عورة" سنن أبي داود (٤٩٦) سنن الدارقطني (١/٢٣٠) بإسناد حسن.

وهذا ضعيف في الدلالة؛ لأنه في النظر لا في الصلاة، ثم الظاهر أن المراد منه أن من زوج أمته التي يباح له وطؤها؛ فليس له أن ينظر إلى تلك العورة؛ لئلا تباح لرجلين.

فإن الحديث علق عدم الرؤية على الزواج فمفهومه الإذن له بالرؤية قبله فتأمل، وقد حمله البيهقي على عورة الرجل مع طعنه في صحته (السنن الكبرى ٢/٨٣) ، والظاهر أن عورة الأمة ما دون رأسها وذراعيها وساقيها مما يظهر غالباً.

لأن الأمر بالحجاب أمر عام والأصل في التشريع أنه عام، لا يختص إلا بدليل، وقد ورد أن عمر كان ينهى الإماء عن التقنع (وهو تغطية الرأس) ويقول: إنما القناع للحرائر، وضرب أمة لآل أنس رآها متقنعة، وقال: اكشفي رأسك ولا تشبهي بالحرائر. (سنن البيهقي ٣٣٠٥) وصححه.

وهذا اشتهر في الصحابة ولم ينكر، كما أن ذلك يظهر عادة عن الخدمة والتقليب للشراء، وأما في خارج الصلاة فإن خشيت الفتنة بهن كالإماء الحسان؛ فيجب عليهن ستر جميع بدنهن فإن المقصود من الحجاب هو ستر ما يخاف منه الفتنة بخلاف الصلاة.

وإن لم تخش الفتنة كما كان الإماء في الصدر الأول، وفي عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فليس عليهن حجاب كحجاب الحرائر، وهن كالقواعد من النساء قال تعالى فيهن:"ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة" [النور:٦٠] ، هذا هو الظاهر لي، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.

<<  <  ج: ص:  >  >>