للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لباس المرأة أمام محارمها]

المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها

التاريخ ١/١٢/١٤٢٢

السؤال

هل للمرأة أن تلبس الملابس القصيرة, والتي تبدي ذراعيها وكتفيها وأجزاء من صدرها وظهرها أمام إخوانها ومحارمها؟

الجواب

اللباس مشروع للتجمل، كما أنه مشروع أيضاً لستر العورات، وهذا هو المقصد الأعظم منه، ولذلك قدّمه الله - تبارك وتعالى - على غيره بأن ذكره أولاً، حيث قال - جل ذكره -: " يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير ... " الآية [الأعراف:١٦] وستر العورات فيه مصلحة للإنسان المستتر نفسه؛ لأنه يأمن به من اطلاع غيره على عورته، وفيه أيضاً جانب آخر في غاية الأهمية، وهو درء المفسدة التي تثور بانكشاف العورات المؤدي إلى تحريك الشهوات، والوقوع في الفواحش، وقد أمر الله النساء المسلمات -على وجه الخصوص- بالحجاب الذي يستر زينتهن، وعلل ذلك بدفع الأذى عنهن من أصحاب السوء، فقال مخاطباً نبيه - عليه الصلاة والسلام -: " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً" [الأحزاب:٥٩] ومع ذلك فإن هذه الشريعة المطهرة شريعة واقعية تراعي رفع الحرج ودفع العنت عن المكلفين في أحكامها "وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج:٧٨] ولهذا خففتْ حكم الحجاب بالنسبة للمرأة مع محارمها؛ نظراً لكثرة المخالطة وحرمة النكاح، والأمن من الفتنة غالباً، فلا حرج عليها في إبداء وجهها وكفيها ورأسها ورقبتها وقدميها وبعض ساقيها للحاجة للحركة والخدمة، وما في حكمها، وهذا كافٍ في رفع الحرج ودفع المشقة. قال - تعالى -:"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ... " الآية [النور:٣١] .

أما صدر المرأة وظهرها وبطنها وفخذها ونحوه، فهذا لا يجوز كشفه إلا للزوج أو في حال التداوي بشرطه. وجواز إبداء الزينة لمن ذكر مشروط بالأمن من الفتنة، إذ الغالب على الإنسان السوي ألا ينظر إلى محرمته نظر الريبة والشهوة، فإذا لم تؤمن الفتنة حرم على المرأة أن تبدي هذه الزينة للمحرم، وعلى المرأة المسلمة أن تتجمل بالحياء والستر في كل حال؛ لأنه أبعد عن الشبه والريب، حتى في الأحوال التي يباح لها فيها كشف بعض زينتها، ولنتأمل ما في التوجيه الإلهي للنساء الكبيرات اللاتي لا رغبة لهن في النكاح ولا يرغب فيهن الرجال، فإنه من أقوى الأدلة على أهمية الاحتشام، يقول الحق - تبارك وتعالى -: " والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خيرٌ لهن والله سميع عليم " [النور:٦٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>