للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تمثيل المرأة أمام الرجال]

المجيب هاني بن عبد الله الجبير

قاضي بمحكمة مكة المكرمة

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها

التاريخ ١/٢/١٤٢٥هـ

السؤال

نحن في بلدة ريفية أقيم عندنا حفل تكريمي لدعم الفقراء والمعوزين في المديرية تبنته مدرسة للبنات في ظل معرض خيري للمشغولات اليدوية النسائية دعما للأيتام والمحتاجين، وقد تخلل هذا الحفل بعض المسرحيات الهادفة إلى التعريف بحال اليتيم، الأمر الذي أدى إلى تعاطف الحاضرين وتفاعلهم، وقاموا بالدعم السخي والغير متوقع لولا مثل تلكم المسرحيات الهادفة، لكن هذه المسرحيات قامت بها فتيات واحدة منهن بعمر الخامسة عشر أمام الجمع من الحاضرين من المسؤولين والمواطنين، وقد قامت هذه الفتاة بدور الأم مرتدية الزي الإسلامي الساتر لجميع بدنها، أضيف إلى ذلك أنها كانت ترتدي فوق الزي الإسلامي عباءة فضفاضة تبين أنها أم كبيرة في السن، فما الحكم الشرعي في قيام الفتيات بالتمثيل أمام الناس؟ كما نود أن توجهوا نصيحة إلى القائمات على مثل هذه الأعمال؟ وبالمناسبة لم نذكر كل هذه التفاصيل إلا لأن الأمر قد أشكل على بعض الإخوة مما حدا بهم إلى الهجوم الشديد على مثل هذه الأعمال مما جعل الأمر في أخذ ورد. أفيدونا جزاكم الله خيراً، وبارك الله في علمكم.

الجواب

الحمد لله وحده، وبعد:

فلا شك أن كل مخلص غيور يفرح بحصول الخير وإقبال الدعم على المشاريع الخيرية، ويجب كل عمل يكون سبيلاً لهذا، لكن المسلم يربأ عن مشابهة من يجعل الغاية تبرر الوسيلة؛ بل يضبط كل وسيلة بالضوابط الشرعية.

فمتى كانت الوسيلة التي توصل للمطلوب الحسن مخالفة للأدلة الشرعية أو القواعد الكلية، فإنها تكون ممنوعة غير مباحة، وليس نبل المقصد وحسن الهدف مسوغاً لمعصية الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-، ومخالفة قواعد الشريعة، فإن ما خالفها ضرر ولا يترتب عليه مصلحة: "ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضلالاً مبيناً" [الأحزاب: ٣٦] .

وفي السنن بسند صحيح أنه لما كثر الناس في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- أرادوا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يجمعهم لها، فقالوا: لو اتخذنا ناقوساً فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ذاك للنصارى، فقالوا: لو اتخذنا بوقاً، قال - صلى الله عليه وسلم- ذاك لليهود، ثم أمر المسلمون بالنداء بالأذان" سنن أبي داود (٤٩٩) ، الترمذي (١٨٩) ، وصححه من حديث عبد الله بن زيد - رضي الله عنه -.

فتأمل أن النبي عليه الصلاة والسلام كره استعمال الناقوس للإعلام بدخول وقت الصلاة لما فيه من مشابهة النصارى مع كون الهدف هو الدعوة إلى العبادة والاجتماع لها.

وإذا قامت الفتيات البالغات بالتمثيل أمام الناس فإنهن يكن قد خالفن أمراً شرعيًّا وهو الأصل في المسلمات، وذلك هو القرار في البيوت والابتعاد عن التعرض للرجال، وما دام الأمر تمثيلاً فيمكن أن يقوم به غير الفتيات البالغات.

وإذا مثلت الفتاة انفتح باب من الفساد أمر الله تعالى بسده طهارة للقلوب كما قال: "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن" [الأحزاب:٥٢] .

ونظر الرجال إليها حال تمثيلها مخالفة لأمر الشرع بغض البصر: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم" [النور:٣٠] .

ولذا فإنه لا يظهر لي جواز قيام الفتيات البالغات بالتمثيل أمام الرجال، أما الصغيرات من البنات فالأمر فيهن أيسر.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>