للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الانكار في مسائل الخلاف]

المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

التاريخ ٠٦/١١/١٤٢٥هـ

السؤال

السلام عليكم.

أرجو الإجابة عن سؤال كثر حوله الجدل وهو: هل الخلاف الفقهي في الفروع يجوز فيه النكير على المخالف وتبديعه وتجريحه؟ أرجو الإجابة مع نقل أقوال أهل السنة في ذلك. والسلام عليكم.

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن الإنكار على المخالف في المسائل الشرعية يختلف باختلاف المسائل المُختلف فيها، فإذا كانت المسألة من المسائل المجمع عليها فإن الخلاف فيها لا يجوز؛ لأن الإجماع يجب العمل به والمصير إلى حكمه ولا تجوز مخالفته، بل وذهب بعض أهل العلم إلى تكفير من أنكر حكم الإجماع، كما نقله الزركشي (البحر المحيط٦/٤٩٦) ، وحينئذٍ يكون الإنكار على من خالف حكم الإجماع واجبًا؛ لأن الخلاف فيه لا يسوغ. أما إذا كانت المسألة من المسائل المُختلف فيها بين أهل العلم فإنه لا يُنكر فيها على المخالف؛ لأن الخلاف في هذه المسائل سائغٌ، وسبب كون الخلاف في مسائل الخلاف سائغًا لأن هذه المسائل تكثُر فيها الأدلة وتتعارض أحكامها، وكل فريق من المتخالفين يأخذ بالدليل الأقوى في نظره، وهمهم جميعًا العمل بما دلت عليه الأدلة الشرعية، وإذا كان الحال ما ذُكِرَ فإن من قال بأيٍّ من القولين لم يفعل ما يوجب الإنكار عليه، بل فعل الواجب عليه، وقد شملت القواعد الفقهية هذا الحكم، قال السيوطي: (لا يُنكر المختلف فيه إنما يُنكر المجمع عليه) (الأشباه والنظائر١٥٨) . وعمومًا فإن الواجب على المسلم إذا كان عنده علمٌ أن يُنكر على من خالف المسائل المجمع عليها، ويبين له أن الإجماع قد انعقد على حكمها، كما لو قال أحدٌ بعدم وجوب الصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج، أو قال بجواز الرِّبا أو الزِّنا أو شرب الخمر، فيجب الإنكار عليه؛ لأن أهل العلم قاطبةً مجمعون على أحكام هذه المسائل.

أما من قال بقولٍ في مسألة خلافية فالواجب مناقشة صاحب هذا القول وبيان الأدلة الدالة على خلاف قوله، فإذا بُينت له الأدلة وكان باحثًا عن الحق فالغالب أنه يرجع إلى مقتضى هذه الأدلة، وذلك كمسألة حلق اللحية، فإذا قال قائل بجواز حلق اللحية فالواجب بيان الأدلة التي يأمر فيها النبي صلى الله عليه وسلم; بإعفاء اللحية وعدم حلقها، فإذا ذُكِرَت له هذه الأدلة فالغالب رجوعه إلى الحق؛ لصراحة هذه الأدلة ووضوحها ولعدم وجود أدلة تبيح حلق اللحية، ويمكن أن يُقال إن الإنكار مشروعٌ على المخالف في مثل هذه المسألة لصراحة الأدلة فيها ووضوحها.

<<  <  ج: ص:  >  >>