للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مات وهو عاجز عن قضاء دينه]

المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية

التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته

التاريخ ٢٤/١٢/١٤٢٤هـ

السؤال

هل من يعجز عن سداد دينه حيث إنه لا يملك المبلغ الذي يسدد به دينه إنما يملك ما يكفيه للعيش هو وأسرته هل يكون رهين دينه بعد موته؟.

إن كان يملك مبلغاً ولكنه بحاجة إلى بيت يأويه هو وأسرته فهل يحق له أن يشتري هذا البيت أم لا يحق له حتى يسدد الدين؟.

هل يحق له إنكار هذا الدين مخافة الضرر من الدائنين حيث إنهم لا يملكون أي دليل ضده ولكنه يقر لهم بالدين أمام الجميع، ولا يكتب لهم ورقة خشية السجن والمحاكمة فهل يحق له ذلك مع أنه يقر بالدَّين ولا ينكره أبدا ويسعى لسداده ولكنه لا يستطيع؟. أرجو الإفادة حيث إن ضرر الدين كبير على النفس، ولكم من الله الأجر، وأسأله -سبحانه- أن يسدد خطاكم، ويجعل ذلك في ميزان حسناتكم.

الجواب

ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه" رواه أحمد (٩٣٨٧) والترمذي (١٠٧٨) وابن ماجة (٢٤١٣) والدارمي (٢٥٩١) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وصحح إسناده الألباني، وهذا يدل على عظم شأن الدين وضرورة أدائه إلى صاحبه، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم- في أول الأمر يترك الصلاة على من مات وعليه دين حتى يؤدى عنه، فلما توافرت لديه الأموال أخذ يقضي عن الناس ديونهم، ويصلي عليهم، ولهذا يجب على المسلم أن يقوم بسداد ديون غرمائه إذا كان يقدر على ذلك، ولا تجوز له المماطلة أو إنكار الدين الثابت عليه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- "مطل الغني ظلم" متفق عليه، عند البخاري (٢٢٨٧) ، ومسلم (١٥٦٤) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- ويمكن للحاكم أن يعاتبه على امتناعه بالحبس والتعزير، قال - صلى الله عليه وسلم-: "لي الواجد ظلم يُحِل عِرضه وعقوبته" رواه أحمد (١٨٩٦٢) وأبو داود (٣٦٢٨) وغيرهما من حديث الشريد بن سويد -رضي الله عنه-، وعرضه شكواه، وعقوبته: حبسه، فالمماطل يستحق العقوبة بالحبس والتعزير وإن أصرّ على المماطلة فإن للحاكم أن يبيع ماله ويسدد ديونه.

وللحاكم أن يحجر عليه إذا كانت لديه أموال لا تكفي لسداد ديونه، ويترك له ما يحتاج إليه من مسكن ومؤونة ونحو ذلك؛ لأن هذه من الأمور التي يحتاجها الإنسان، ولا يستغني عنها.

وأما إذا كان لا يقدر على وفاء شيء من دينه فإنه معسر فلا يطالب به، ويجب انظاره وإمهاله؛ لقول الله -تعالى-: "وإن كان ذو عسرة فنظرةٌ إلى ميسرة" [البقرة: ٢٨٠] ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لغرماء الذي كثر دينه: "خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك"رواه مسلم (١٥٥٦) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، ولكن عليه أن يجتهد في سداد هذه الديون حالما يقدر على ذلك بلا تهاون، ويمكنه أن يصطلح مع غرمائه أن يسقطوا عنه بعض هذه الديون إذا كان لا يقدر على سدادها كلها؛ حتى تبرأ ذمته منها. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>