للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرق بين المراء والجدال]

المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/أدب الحوار

التاريخ ١٠/١/١٤٢٥هـ

السؤال

ما معنى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا....." وما هو الفرق بين المراء والجدال؟ وكيف نعرف بأن الشخص يماري أو يجادل؟.

الجواب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

روى أبو داود عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال

"أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسَّن خُلُقَه " رواه أبو داود، في كتاب: الأدب، باب: في حسن الخلق، رقم الحديث: (٤٨٠٠) .

هذا الحديث من جوامع الكلم الذي أوتيه النبي -صلى الله عليه وسلم -، وقد اشتمل هذا الحديث - على إيجازه واختصاره - على أصول الأدب، وجوامع حسن الخلق، وكيفية التعامل مع الناس، وقرن فيه النبي صلى الله عليه وسلم الجزاء والأجر لمن عمل بما جاء فيه، حيث تكفّل نبينا -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث بثلاثة بيوت في الجنة:

البيت الأول: في ربض الجنة، أي: أسفل الجنة، لمن ترك المراء وإن كان على حق.

البيت الثاني: في وسط الجنة، لمن ترك الكذب في كل موضع لا يجوز فيه، وإن كان مازحاً، وهذا الأمر مما يخالف فيه كثيرٌ من الناس حيث يسمحون لأنفسهم بالكذب، ويعللون ذلك بأنهم مازحون.

البيت الثالث: في أعلى الجنة، لمن حسَّن خُلُقَه، أي سعى في تحسين أخلاقه، وابتعد عن كل ما يدنسها ويفسدها، وترك جميع ما يخالف فطرة الله التي فطر الناس عليها.

ومكان الشاهد في هذا الحديث ما يتعلق بالمراء، فقد رغّب النبي -صلى الله عليه وسلم- في تركه ورتب على ذلك الأجر العظيم، كما نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث أخرى، ومنها:

ما رواه أحمد (٨٦٣٠) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في المزاح، ويترك المراء وإن كان صادقا".

وما رواه الترمذي (١٩٩٥) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"لا تمار أخاك ".

وفي هذه الأحاديث ونحوها يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من جميع الأمور التي لا تناسب المسلم ولا يصلح أن تكون من أخلاقه، ومن تلك الأخلاق غير المرضية: المراء، والمقصود به في اللغة: استخراج غضب المجادل، من قولهم: مريت الشاة، إذا استخرجت لبنها، وحقيقة المراء المنهي عنه: طعن الإنسان في كلام غيره؛ لإظهار خلله واضطرابه، لغير غرض سوى تحقير قائله وإظهار مزيته عليه. وإن كان المماري على حق، فإنه لا يجوز له أن يسلك هذا السبيل؛ لأنه لا يقصد من ورائه إلا تحقير غيره والانتصار عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>