للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل صح النهي عن المعانقة؟]

المجيب د. محمد بن عبد الله القناص

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/آداب المعاملة

التاريخ ٢٦/١٠/١٤٢٦هـ

السؤال

هل الحديث الذي ينهى فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن التزام الصديق وتقبيله يدل على التحريم، أم هناك تفسير آخر؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:

فالحديث المشار إليه في السؤال أخرجه أحمد (١٣٠٤٤) ، والترمذي (٢٧٢٨) ، وابن ماجه (٣٧٠٢) ، والبيهقي في السنن (٧/١٠٠) ، من طرق عن حنظلة بن عبد الله السدوسي، قال: حدثنا أَنَسِ بْنِ مَالِك، ٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ؟ قَالَ: "لَا" قَالَ: أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ؟ قَالَ: "لَا" قَالَ: أَفَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ".

وإسناد هذا الحديث ضعيف؛ لضعف حنظلة بن عبد الرحمن السدوسي، قال الإمام أحمد: كان حنظلة السدوسي ضعيف الحديث يروي عن أنس بن مالك أحاديث مناكير، روى: "أينحني بعضنا لبعض". ينظر: الجرح والتعديل (٣/٢٤١) .

والمصافحة ثبتت مشروعيتها في أحاديث أخرى، منها ما أخرجه البخاري (٦٢٦٣) من طريق قتادة، قال: قلت لأنس -رضي الله عنه-: أكانت المصافحة في أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم.

وفي حديث كعب بن مالك -رضي الله عنه- عند البخاري (٤٤١٨) ، قال: "دخلت المسجد فإذا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام إلي َّطلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني"، وبوب عليه البخاري بقوله: "باب المصافحة" [ينظر البخاري مع الفتح (١١/٥٤) ] .

وأخرج البخاري في الأدب المفرد (٩٦٧) بسند صحيح من طريق حميد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: لما جاء أهل اليمن، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد أقبل أهل اليمن وهم أرق قلوباً منكم؛ فهم أول من جاء بالمصافحة".

وأخرج الترمذي (٢٦٥١) من حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلمَين يلتقيان فيتصافحان إلا غُفر لهما قبل أن يفترقا".

قال ابن بطال: "المصافحة حسنة عند عامة العلماء، وقد استحبها مالك بعد كراهته، وقال النووي: "المصافحة سنة مجمع عليها عند التلاقي" ينظر فتح الباري (١١/٥٥) .

أما المعانقة فقد ورد فيها أحاديث، قال الحافظ ابن حجر: " قد ورد في المعانقة حديث أبي ذر، أخرجه أحمد وأبو داود من طريق رجل من عنزة لم يسم، قال: قلت لأبي ذر: هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصافحكم إذا لقيتموه؟ قال: ما لقيته قط إلا صافحني، وبعث إلي ذات يوم فلم أكن في أهلي، فلما جئت أخبرت أنه أرسل إلي، فأتيته وهو على سريره فالتزمني فكانت أجود، وأجود، ورجاله ثقات إلا هذا الرجل المبهم.

وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث أنس: كانوا إذا تلاقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا" انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>