للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المدح المذموم والمشروع]

المجيب سليمان بن عبد الله القصير

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ أدب الحديث/مسائل متفرقة في أدب الحديث

التاريخ ٣/٢/١٤٢٥هـ

السؤال

قرأت في كتاب: أن مدح الأصدقاء بما فيهم من صفات جميلة من أهم أسباب زيادة المحبة بينهم ثم سمعت عن أحاديث للنبي - صلى الله عليه وسلم- تنهى عن مدح الشخص أمامه وربما حتى من خلفه؟ فما هو المدح المحرم وما الأدلة الواردة؟.

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

الجواب: مدح الإنسان لأخيه المسلم له أربعة أحوال:

الحال الأول: أن يمدحه بما فيه من خير، ويكون في مدحه تشجيع له على التمسك بما يتصف به من خير وخلق حسن.

الحال الثاني: أن يمدحه بما فيه من خير ليبين فضله على الناس.

فهذان الحالان يجوز فيهما المدح؛ ويدل عليهما مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر وعمر - رضي الله عنه - في أحاديث متعددة، ومنها ما رواه البخاري (١٨٩٧) ، ومسلم (١٠٢٧) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر - رضي الله عنه -: "أرجو أن تكون منهم" أي من الذين يدعون من جميع أبوب الجنة. وروى البخاري (٦٠٨٥) ومسلم (٢٣٩٧) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر - رضي الله عنه -: " ما لقيك الشيطان سالكاً فجَّاً إلا سلك فجاً غير فجِّك ".

الحال الثالثة: أن يمدحه بما فيه لكن يخشى أن الممدوح يغتر بنفسه ويزهو ويترفع على غيره.

الحال الرابعة: أن يمدح غيره ويغلو في إطرائه ويصفه بما لا يستحق، فهذان الحالان محرمان لما فيهما من الضرر على الممدوح، في الحال الرابعة زيادة على ذلك أنه كذب وخداع. ويدل على التحريم حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: أثنى رجل على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " ويلك قطعت عنق صاحبك قطعت عنق صاحبك مرارا، ثم قال: من كان منكم مادحا أخاه لا محالة فليقل: أحسب فلانا والله حسيبه ولا أزكي على الله أحدا، أحسبه كذا وكذا، إن كان يعلم ذلك منه " رواه البخاري (٢٦٦٢) ومسلم (٣٠٠٠) .

وحديث همام بن الحارث أن رجلا جعل يمدح عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، فعمد المقداد - رضي الله عنه - فجثا على ركبتيه فجعل يحثو في وجهه الحصباء، فقال له عثمان - رضي الله عنه -: ما شأنك؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا رأيتم المدَّاحين فاحثوا في وجوههم التراب " رواه مسلم (٣٠٠٢) .

وقوله:" المدَّاحين" صيغة مبالغة من المدح، أي من يكثر من المدح ويبالغ فيه، أو يكون ممن يمدح دائما وبلا حاجة.

والله أعلم، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>