للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عدالة أبي بكرة رضي الله عنه]

المجيب د. محمد بن عبد الله القناص

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/الصحابة الكرام

التاريخ ٢٥/٠٦/١٤٢٦هـ

السؤال

السلام عليكم

سمعت أن أبا بكرة -رضي الله عنه- جُلد بسبب رميه شخصاً بالزنى دون إحضار شهود على ادعائه، وذلك في عهد عمر رضي الله عنه.

وقد سمعت أنه بسبب ذلك فإن الحديث الذي رواه في صحيح البخاري، وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" لا يمكن الوثوق به، أو على الأقل جرى نزاع بين الأئمة في صحته.

وقد سمعت أن هذا الحديث احتجّ به في وقت الفتنة بين علي وعائشة، واختلاف الصحابة في الجهة التي يقفون معها، أو الحياد كما فعل أبو موسى الأشعري.

أفتونا مأجورين. وجزاكم الله خيرًا.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:

قصة أبي بكرة الثقفي - رضي الله عنه - المشار إليها في السؤال قصة مشهورة أخرجها البخاري تعليقاً في كتاب الشهادات، باب شهادة القاذف والسارق والزاني [ينظر: البخاري مع الفتح (٥/٢٥٥) ] ، قال البخاري -رحمه الله-: "وَجَلَدَ عُمَرُ أَبَا بَكْرَةَ وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ وَنَافِعًا بِقَذْفِ الْمُغِيرَةِ ثُمَّ اسْتَتَابَهُمْ ... "، ورواها عبد الرزاق في مصنفه (١٣٥٦٤، ١٣٥٦٥) ، وابن جرير في التفسير (١٨/٧٦) من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ضرب أبا بكرة وشبل بن معبد ونافع بن الحارث بن كلدة حدهم، وقال لهم: من أكذب نفسه أجزت شهادته فيما استقبل، ومن لم يفعل لم أجز شهادته. فأكذب شبل نفسه ونافع، وأبى أبو بكرة أن يفعل.

وأبو بكرة - رضي الله عنه - اتفق الأئمة على الاحتجاج به، وأخرجوا حديثه في مصنفاتهم وكتبهم، ومنهم البخاري، فقد أخرج له في مواضع من صحيحه، واتفق أئمة الحديث على أن الصحابة كلهم عدول فلا يسأل عن عدالتهم.

ويجاب عن كون أبي بكرة لم يتب من قذف المغيرة بما يأتي:

- أن أبا بكرة كان يعلم صدق نفسه، فلذلك لم يكذب نفسه، وقد ذهب بعض السلف إلى أن إكذاب القاذف نفسه ليس بشرط في قبول توبته، لجواز أن يكون صادقاً في نفس الأمر، قال الإمام مالك: "إذا ازداد خيراً كفاه"، وإلى هذا مال البخاري، قال المهلب: " إكذاب القاذف نفسه ليس شرطاً في قبول توبته، لأن أبا بكرة لم يكذب نفسه، ومع ذلك فقد قبل المسلمون روايته وعملوا بها".

- أن هناك فرقاً بين الشهادة والرواية، فالشهادة يطلب فيها مزيد تثبت مما لا يطلب في الرواية كالعدد والحرية وغير ذلك، وقد أجاب بهذا الإسماعيلي.

وحديث: "لن يفلح قوم ... " أخرجه البخاري (٤٤٢٥) قال: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَال: َ لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيَّامَ الْجَمَلِ بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الْجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ، قَال: َ لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى، قَالَ: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً".

والحديث لا يعرف عن أحد من الأئمة أنه ضعفه، وقد استدل به جمهور العلماء على أن المرأة لا تتولى الإمامة العظمى والقضاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>