للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متى أُذِنَ بالقتال

المجيب د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر

التاريخ ٤/١١/١٤٢٤هـ

السؤال

متى أبيح القتال في الإسلام؟ وشكراً.

الجواب

من المتفق عليه بين أهل العلم أن القتال كان ممنوعاً قبل الهجرة، وأن حياة المسلمين في مكة كانت حياةَ تأسيسٍ للعقيدةِ وتوجيهٍ ودعوةٍ وصبرٍ على الأذى؛ كما قال تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن" [المؤمنون:٩٦] وقوله: "فاعف عنهم واصفح" [المائدة:١٣] وقوله: "واهجرهم هجراً جميلا" [المزمل:١٠] .

وبعد هجرة المسلمين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة شرع القتال. وأكثر المفسرين على أن أول آية نزلت في الأمر بالقتال هي قوله تعالى: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" [من سورة البقرة: ١٩٠] ، وقيل: أن أول آية نزلت في القتال هي قوله تعالى في سورة الحج: "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ" [الحج:٣٩] .

والحكمة من أن القتال لم يشرع في مكة لأن المسلمين في مكة كانوا أفراداً في بيوت، والشهامة والنخوة والغيرة متأصلة في العرب، ولو شرع القتال آنذاك لأدى ذلك إلى وجود القتال في معظم بيوت مكة، الأمر الذي ينتج عنه بأن يوصم الإسلام بأنه دين يفرق ويدعو إلى تمزيق أواصر الرحم والقرابات، وهذا ما لم يرده الإسلام، ولما استقل أمرهم في المدينة، وأصبح لهم كيان ودولة ينطلقون من خلالها، أمروا بمقاتلة المشركين والكافرين، وأذن لهم بأن ينتصروا لدينهم ولأنفسهم حيث إنهم ظلموا، ففي مكة أمروا بالصبر على ما يلحق بهم من أذى، وفي المدينة دولة المسلمين الأولى شرع لهم القتال، وأمروا به دفاعاً عن العقيدة والشريعة وحقوقهم. وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>