للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[آراء ابن تيمية رحمه الله تعالى]

المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير

التاريخ ١٤/٧/١٤٢٥هـ

السؤال

ما رأي فضيلتكم في آراء ابن تيمية بصفة عامة، وخاصة في حكم صلاة الجماعة؟.

الجواب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بين عبد السلام ابن تيمية الحرَّاني من أئمة الهدى، ومن المشهود لهم بالعلم والورع والتقى، نصر الله به الحق، وأعلى به السنة، وقمع به البدعة، وعلى كلٍّ فإن إمامة شيخ الإسلام ابن تيمية من الأمور الواضحة التي لا تحتاج إلى إثبات، وإن كنا لا ندعي العصمة لأحدٍ من البشر بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إلا أن شيخ الإسلام ابن تيمية كان موفقًا في غالب أقواله واجتهاداته، كيف لا وهو ممن جعل الحق هدفه والدليل من الكتاب والسنة قائده، ومن أراد الاطلاع على سيرة هذا الإمام فعليه بكتب السير والتراجم التي تحدثت عن هذا العالم الجليل، ومن أوسعها: كتاب الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية، من تأليف: محمد عزير شمس وعلي بن محمد العمران، حيث جمع مؤلفا هذا الكتاب أغلب ما كُتِب عن شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن أراد الاطلاع على منهج هذا الإمام في فقهه واجتهاده فعليه بالكتب والرسائل المؤلفة في هذا الجانب، ومن أهمها: كتاب منهج ابن تيمية في الفقه، من تأليف: د. سعود بن صالح العطيشان.

أما ما يتعلق بحكم صلاة الجماعة، فقد اختلف أهل العلم في حكمها بعد اتفاقهم على مشروعيتها وفضلها، ويمكن حصر اختلافهم فيها على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنها واجبة على الأعيان، وليست شرطًا لصحة الصلاة، ومن تركها بغير عذر فصلاته صحيحة مع الإثم. وقال بهذا القول الحنفية (وسموها سنةً مؤكدة، والسنة المؤكدة عند الحنفية كالواجب، كما قاله الكاساني من علماء الحنفية) والحنابلة، وبعض الشافعية.

القول الثاني: أنها سنة يُستحب فعلها، ولا يعاقب من تركها. وقال بهذا القول المالكية، وبعض الشافعية.

القول الثالث: أنها واجبة على الأعيان، وهي شرط لصحة الصلاة، ومن تركها من غير عذر فصلاته باطلة. وقال بهذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية.

ولكل قول من هذه الأقوال أدلته، والمقام لا يسمح بذكرها وبسطها، إلا أن القول الذي يرجحه المحققون من أهل العلم هو القول الأول، وهو أن صلاة الجماعة واجبة على الرجال وجوبًا عينيًّا، ولا يجوز التخلف عنها إلا لعذر، استدلالاً بقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ سمِع النداءَ فلمْ يأتِ فلا صلاةَ له، إلَّا مِن عُذرٍ» . أخرجه ابن ماجه (٧٩٣) والدارقطني ١/٤٢٠ وابن حبان (٢٠٤٦) والحاكم ١/٣٧٣،بسند صحيح.

وفد سُئل ابن عباس رضي الله عنهما- عن العذر فقال: خوف أو مرض. والأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة كثيرة جدًّا، ومن أراد الاطلاع عليها فليرجع إلى ما كتبه العلماء في كتاب الصلاة من كتب الفقه.

والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>