للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عاهدت ربي ثم نكثت بعهدي]

المجيب د. رياض بن محمد المسيميري

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/التوبة

التاريخ ٢٥/١٢/١٤٢٢

السؤال

أنا شاب ملتزم في ديني قطعت عهداً مع الله ألا أرتكب إثماً بعينه، أغواني الشيطان بعد مدة فنكثت عهدي مع الله، قلبي يكابد ألماً، وحياتي أصبحت إحساساً رهيباً بالذنب، والخوف من غضب الله. أرجوكم كيف يمكنني أن أكفر عن نكثي بعهدي مع الله، أريد التوبة ومغفرة الله، أنا أعرف أن الله غفور رحيم، ولكن أريد أن أفعل أي شيء طلباً للمغفرة، فهل أقوم الليل، أم أتصدق؟ هل أعاقب نفسي بحبسها؟ إن خوفي من الله يدفعني حتى للتضحية بنفسي إن كان ذلك مرضاة لله.

الجواب

الحمد لله وبعد: أخي الكريم لا شك أن الوفاء بالعهود حتم لازم على كل مؤمن بالله واليوم الآخر، ويتأكد الأمر حين يكون العهد مع الله - جل جلاله - قال -سبحانه-: " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ... " [المائدة:١٠] ، وقال:" وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون " [النحل:٩١] ، وقال:" ... وبعهد الله أوفوا ... " [الأنعام:١٥٢] ، والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة حسبك منها ما قرأت، ومن هنا يحق لنا أن نقول: إن نقضك لعهدك مع الله - تعالى - تصرف لا يليق بأمثالك من الشباب الملتزم الواعد الذي نعلق عليه - بعد الله - آمالنا في بعث نهضة الأمة وإحياء مجدها من جديد، وها أنت ترى - حفظك الله - شؤم المعصية وأثرها الكئيب في أعماق نفسك وظاهر مُحياك، ووخز الضمير الذي يلاحقك آناء الليل وأطراف النهار، أليس كذلك؟؟ إنها إرادة الله وحكمه العادل وقضاؤه النافذ الذي - من خلاله- قضى بالعزة والسعادة لمن أطاعه، والذلة والشقاوة لمن عصاه، ويخطئ من يظن غير ذلك، وكل الذين قبلوا التحدي واختاروا المعصية وتوهموا أن السعادة في محادة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - باءوا بالفشل الذريع، وانقلبوا بالحسرة والندامة، وتجرعوا مرارة الضنك والشقاء، وارتدوا على أدبارهم لم ينالوا خيراً.

ألم يقل الله - تعالى -:" ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى " [طه:١٢٤] ؟ بلى والله، وصدق الله.

أخي، كم أنا وأنت والآخرون بحاجة إلى قراءة هذه الأسطر بعناية تامة حتى لا تزل بنا الأقدام مرة بعد مرة مغترين بإمهال الله لنا وستره إيانا، وحتى لا تطغى فرحتنا بباب التوبة المفتوح فننسى هادم اللذات المتربص بنا في كل حين، ودركات جهنم المشرعة الأبواب.

أخي الكريم - حمداً لله - أن هداك إلى الحق، ومنَّ عليك بصدق الرغبة إلى حسن التوبة وتجديد العهد مع الله، وأبشر بما يسُرك إن أنت وفيّت بالعهد ونفّذت الوعد، واحذر من اليأس والقنوط، فربك واسع المغفرة، دائم العفو كثير الهبات يفرح بتوبة عبده ويقبلها، ويتجاوز عن السيئة ويغفرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>