للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المتزوجة إذا حملت من الزنا]

المجيب د. نايف بن أحمد الحمد

القاضي بمحكمة رماح

التصنيف الفهرسة/الجنايات

التاريخ ١٨/٥/١٤٢٥هـ

السؤال

امرأة متزوجة، زنت، وحملت من هذا الزنا، وهي في حيرة من أمرها أتقتل الجنين؟ أم تبقيه وتدخل على زوجها ما ليس منه؟ أم تخبر زوجها بما جرى؟ وفي كل الحالات يترتب مفاسد، أرجو من الله المغفرة لها ثم من فضيلتكم الإجابة على استفسارها. -وجزاكم الله خيراً-.

الجواب

الحمد لله وحده، وبعد:

فلا شك أن الزنا من كبائر الذنوب؛ قال الله -تعالى-: "وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً" [الفرقان:٦٨] ، وعقوبة الزاني الثيب الرجم حتى الموت؛ كما صحت بذلك الأخبار عنه - صلى الله عليه وسلم- فقد رجم ماعزاً، والغامدية -رضي الله عنهما- رواه البخاري

(٦٤٣٨) ، ومسلم (١٦٩٢) .

وثانياً: ما يتعلق بالحمل فإنه لصاحب الفراش، وهو الزوج ما لم ينفه؛ لما روته عائشة -رضي الله عنها-: كان عتبة بن أبي وقاص، عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه، قالت: فلما كان عام الفتح أخذه سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه- وقال: ابن أخي قد عهد إلي فيه، فقام عبد بن زمعة فقال: أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه، فتساوقا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال سعد -رضي الله عنه-: يا رسول الله، ابن أخي كان قد عهد إلي فيه، فقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هو لك يا عبد بن زمعة"، ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر" رواه البخاري (١٩٤٨) ، ومسلم (١٤٥٧) .

والحمل من سفاح ليس عذراً لإباحة الإجهاض خاصة في الطور الثالث، أي بعد إكمال أربعة أشهر، وقد ذكر العلماء أن الزانية التي تُسقط جنينها تجمع بين السوأتين: الزنا والقتل، وأن إسقاط الجنين هو من الوأد، قال -تعالى-: "وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت" [التكوير: ٨-٩] ، وقد روى عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن امرأة من جهينة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي حبلى من الزنا، فقالت: يا نبي الله: أصبت حداً فأقمه علي، فدعا النبي -صلى الله عليه وسلم- وليها فقال: "أحسن إليها، فإذا وضعت فائتني بها"، ففعل فأمر بها نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فَشُكَّتْ عليها ثيابها، ثم أمر بها، فرجمت، ثم صلى عليها - صلى الله عليه وسلم-، فقال له عمر- رضي الله

عنه-: تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت، فقال: "لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله -تعالى-" رواه مسلم (١٦٩٦) ، ويتبين من هذا الحديث أن للجنين حقاً في الحياة، ولو كان ابن زنا، فلو كان لا حرمة له، لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم- برجمها قبل أن تضع حملها.

<<  <  ج: ص:  >  >>