للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإثبات بالبينات المعاصرة]

المجيب هاني بن عبد الله الجبير

قاضي بمحكمة مكة المكرمة

التصنيف الفهرسة/القضاء

التاريخ ٧/٦/١٤٢٤هـ

السؤال

أنا طالب جامعي تخصصي شريعة وقانون، وأبحث عن موضوع جعلته مذكرة تخرجي وعنوانه: أدلة الإثبات بين الشريعة والقانون.

وتلقيت إشكاليات وإبهامات أرجو من الله ثم منكم أن تمنوا علي بما منَّه الله عليكم به من العلم، وأن تفيدوني في أقرب وقت ممكن، والأسئلة كالآتي:

(١) ما حكم الإثبات بالتسجيلات الصوتية في القضاء؟

(٢) ما حكم الإثبات بالبصمات الوراثية؟

(٣) ما حكم الإثبات بالتصوير الفوتوغرافي؟

(٤) ما حكم الإثبات بالكلب البوليسي؟

وكل هذه القرائن هل يجوز الإثبات بها قضاءً؟ أريد مادة علمية، وقبل ردكم على طلبي تقبلوا كل التقدير الأخوي.

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فإجابة ما استشكله السائل تتضح في النقاط التالية:

أولاً: اختلف أهل العلم في البينة التي يستند عليها القاضي في حكمه، هل هي محصورة بالشهادة واليمين والإقرار، أو هي أعم من ذلك، والصواب أن البينة لكل ما يبين الحق ويظهره، وهذا اختيار ابن القيم، قال: - رحمه الله -: "البينة اسم لكل ما بين الحق ويظهره، ومن خصها بالشاهدين أو الشاهد لم يوف مسماها حقه، ولم تأت البينة قط في القرآن مراداً بها الشاهدان، وإنما أتت مراداً بها الحجة والدليل والبرهان، كذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "البينة على المدعي" رواه الترمذي (١٣٤١) وغيره المراد به أن عليه ما يصحح دعواه ليحكم له) الطرق الحكمية ص ١٢.

ثانياً: الدعاوى المعروضة على القضاء ليست نوعاً واحداً، وكل نوع منها يختلف في إثباته عن غيره.

والحدود لا تقام إلا بعد ثبوت موجبها ببينة قاطعة لا يتطرق لها الشك، ومن القواعد المقررة أن الحدود تدرأ بالشبهات.

والتعزيرات يكفي فيها وجود تهمة قوية متجهة على المحكوم عليه، كالاتهام بحد دفعه وجود الشبهة.

وأما الحقوق المالية إذا حصلت فيها خصومة فإنها أوسع مجالاً، فيكفي رجحان أحد جانبي الخصومة في الاعتضاد باليمين لاستحقاق المدعى به أو نفيه.

قال ابن القيم (اليمين تشرع من جهة أقوى المتداعيين، فأي الخصمين ترجح جانبه جعلت اليمين من جهته) إعلام الموقعين.

ثانياً: استعمال البينات المعاصرة المستجدة في القضايا المتعلقة بالحقوق المالية لابد منه، لما في إهمالها من تضييع للحقوق، قال ابن القيم (الشارع لا يهمل بينة ولا يرد حقاً قد ظهر بدليله أبداً، ولا يقف ظهور الحق على أمر معين ... ولما ظن هذا من ظنه ضيعوا طريق الحكم، فضاع كثير من الحقوق لتوقف ثبوتها عندهم على طريق معين، وصار الظالم الفاجر ممكناً من ظلمه وفجوره، فضاعت حقوق كثيرة لله ولعباده، وحينئذ أخرج الله أمر حكم العالمين عن أيديهم ... ) إعلام الموقعين (١/٩١) .

رابعاً: القرائن وهي الاستدلال بالأمور المعروفة الحاصلة في القضايا على أمور مجهولة مقبولة معتبرة لترجيح جانب أحد طرفي الخصومة، إذا كان احتمال الخطأ والتزوير فيها ضعيفاً، وأما ما كثر الخطأ فيها واحتمال التزوير فهي غير معتبرة، وما بينهما بحسبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>