للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل هذا من التعلم لمماراة السفهاء؟!]

المجيب خالد بن عبد العزيز السيف

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ العلم/آفات المتعلمين

التاريخ ٢١/١٠/١٤٢٦هـ

السؤال

قبل سنوات كان لي اتصال بالنصارى، وبدون شك أثاروا لي شبهات، ومن باب الحمية درست كيفية الرد عليهم، وأصبح لي باع كبير في هذا المجال، وأريد أن أقوي معرفتي بهذا المجال من باب سد هذه الثغرة -والحمد لله- صلتي بالدعاة والعلماء عندنا طيبة، وبإمكاني أن أدرس عليهم، أريد أن أسأل عن حكم طلب العلم لهذا الغرض، هل يدخل في باب تعلمه لمماراة السفهاء؟ وهل عندكم نصائح توجهونها لي؟ بارك الله فيكم.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فمن حق العلم الدعوة إليه والصبر على الأذى فيه، وأفضل ما يدعى إليه الإسلام؛ فهو الدين الحق الذي ختم الله به الأديان، والذي ارتضاه لأمة نهاية الزمان.

والدعوة إلى الإسلام من أفضل الأعمال، وهل كان الأنبياء المرسلون إلا دعاة ومبلغين عن الله، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في غزوة خيبر التي كانت ضد اليهود، كما عند البخاري (٢٩٤٢) ، ومسلم (٢٤٠٦) : "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم". مع أن المقام مقام قتال، إلا أن الدعوة لهذا الدين مطلوبة حتى في هذا الظرف.

ولكن من المهم في هذا الباب التفريق بين المجادلة والدعوة، فليس كل من تمارس عليه الدعوة يصلح للمجادلة، فالمجادلة أمرها أضيق، ولا يلجأ إليها إلا في ظروف خاصة وفي ضوابط خاصة، وأما الدعوة فأمرها أوسع، وهي المطلوبة في الأعم الأغلب، ومن الملاحظ أن غالب الذين دخلوا الإسلام دخلوا عن طريق الدعوة، ولم يدخلوا عن طريق المجادلة.

وينبغي التفريق بين دعوة العامي وبين دعوة العالم، ويبن دعوة الباحث عن الحق، وبين دعوة المكابر فيه، وبين دعوة المنصّر وبين دعوة غيره من عموم النصارى، وبين دعوة زميل العمل والجار، وبين دعوة البعيد الذي لا تربطك به صلة، فهذه أمور من الأحسن مراعاتها، ولكل مقام ما يناسبه من الكلام والتفصيل.

جانب آخر مهم في الدعوة في صفوف النصارى، وهو معرفة حال المدعو أولاً، والانطلاق في دعوته من هذه المعرفة، فمثلاً لو كان المدعو معروفاً بتعظيم الكتاب المقدس فليس من المناسب الابتداء به في إثبات التحريف والطعن في مصداقيته، فهذا مدعاة للنفور من الداعي وما يدعو إليه، فأسلوب التشكيك وخلخلة المعتقد مما يسبب -حسب التجربة- النفرة والإعراض، ويبعث إلى المجادلة والتعصب، وقد أمرنا الله بالمجادلة بالتي هي أحسن، فقال تعالى: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن" [العنكبوت:٤٦] ، وقال تعالى: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم" [الأنعام:١٠٨] .

ومن الجوانب المهم ذكرها أو الانطلاق منها تذكير المدعو بالمصير المحتوم بعد الموت، وخصوصاً أن أهل الكتاب يؤمنون به، وأن على المدعو التفكير بجدية في هذا الموضوع، وهل استعد لما بعد الموت من الاستمساك بالحق، ثم ينطلق الداعية في هذا الجانب سواء بتقرير ما يدرك بالعقل، أو ما يدرك بالنص من آيات القرآن الكريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>