للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العرضة بالطبل أو الدف]

المجيب عمر بن عبد الله المقبل

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ العادات/مسائل متفرقة

التاريخ ١١/١/١٤٢٥هـ

السؤال

ما حكم العرضة إذا كان فيها طبل أو دف؟ وهل هناك فتوى لهيئة كبار العلماء فيها؟.

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

لا بد من الإجابة عن هذا السؤال، وهو: هل هناك فرق بين الطبل والدف؟

الذي ظهر لي بعد البحث -ومن النظر في كلام أهل اللغة وأهل العلم من شراح الحديث وغيرهم- أن الدف المعروف عند العرب الذي جاءت الرخصة به في الأحاديث: هو ما كان يشبه الغربال (المنخل) ، إلا أنه لا خروق فيه، وطوله إلى أربعة أشبار، انظر: (فتح الباري) لابن رجب (٨/٤٢٦) ، و (نيل الأوطار ٦/١٨٨) ، و (فتاوى ابن إبراهيم ١٠/٢١٥) ، و (فتاوى منار الإسلام) لشيخنا ابن عثيمين (٣/٨٣٦) ، وكذلك اللقاء المفتوح جـ (١٢) سؤال (٢٦٢) ، واللقاء الشهري جـ (١١) سؤال (٢٣٤) ، و (القاموس المحيط ١٠٤٧-١٣٢٥) ، و (لسان العرب ٩/١٠٤-١٠٧، ١١/٣٩٨) مادة: طبل، و (المعجم الوسيط ١/٢٨٩) ، مادة (دفف) ، و (المصباح المنير) للفيومي (٧٥) .

ووقع في كلام الإمام أحمد -رحمه الله- ما يدل على التفريق بين الطبل والدف.

فقد نقل ابن مفلح -رحمه الله- في (الفروع ٥/٣١١-٣١٢) ما نصه، قال:"ونقل حنبل: لا بأس بالصوت والدف فيه -أي في العرس- وأنه قال: أكره الطبل، وهو الكوبة، نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونقل ابن منصور: الطبل ليس فيه رخصة".

وكثير من الفقهاء حينما تكلموا عن (الطبل) فرقوا بين طبل الحرب وغيره؛ لأن الحاجة داعية إلى طبل الحرب، بخلاف غيره، ومن فروع ذلك مسألة: ضمان الدف والطبل -كما سيأتي-.

قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني في كتابه (السير الكبير ٤/١٤٥٩) :" لا بأس بالطبول التي يضرب بها في الحرب لاجتماع الناس؛ لأن هذه ليست بلهو، وإنما المكروه طبول اللهو، بمنزلة الدفوف لا بأس بضربها في إعلان النكاح، وإن كره ذلك للهو".

وفي الفروع لابن مفلح في الموضع السابق:"وفي عيون المسائل وغيرها في من أتلف آلة لهو: الدف مندوب إليه في النكاح؛ لأمر الشارع، بخلاف العود والطبل فإنه لا يباح استعماله والتلهي به بحال"، وينظر (الإنصاف) للمرداوي مع (المقنع ٢١/٣٥٣-٣٥٥) .

إذا تبين حكم الطبل، فيبقى الكلام في الدف للرجال:

فالعلماء مختلفون في حكمه للرجال، على قولين:

(١) الجواز، وبعضهم يقول: مع الكراهة.

(٢) (المنع) التحريم، وهذا القول هو ظاهر اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كما في (الفتاوى ١١/٥٦٥، ٢٢/١٥٤) ، بل نسب ابن رجب -رحمه الله- في (فتح الباري ٨/٤٣٤) القول بالتحريم إلى جمهور العلماء، وعللوا ذلك بأمرين:

الأول: أنه من التشبه بالنساء.

الثاني: أن الذي كان يضرب بالدفوف على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء أو من تشبه بهم من المخنثين، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بنفي المخنثين.

وأرجو ألا يخلط الأخ السائل بين حكم ضرب الرجال للدف، وبين سماع الرجال لضرب الدف، فبين المسألتين فرق؛ لأن سماع الرجال لضرب الدف أمره واسع.

<<  <  ج: ص:  >  >>