للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢) ما أخرجه البخاري (٣٣١٢-٣٣١٣) عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما- أنه كان يقتل الحيات فحدثه أبو لبابة" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل جِنَّان البيوت، فأمسك عنها " وجنَّان البيوت: الحيات التي تعيش في البيوت، كما قد وردت بعض الأحاديث التي تأمر بقتل الحيات بعد التحريج عليها، ومن ذلك ما رواه مسلم (٢٢٣٦) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "إن لهذه البيوت عَوَامِر، فإذا رأيتم شيئاً منها فحرِّجوا عليها ثلاثاً، فإن ذهب، وإلا فاقتلوه"، وقوله: "فحرِّجوا عليها": أي قولوا لها: أنت في حرج وضيق إن عدت إلينا، فلا تلومينا إن ضيقنا عليك بالتتبع والطرد والقتل، ويقول ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أنشدكن العهد الذي أَخَذَ عليكن نوحٌُ أنشدكن العهد الذي أخذ عليكن سليمان أن لا تؤذونا، فإن عُدْن فاقتلوهن" رواه أبو داود (٥٢٦٠) ، والترمذي (١٤٨٥) من حديث أبي ليلى - رضي الله عنه- بإسناد قال عنه الألباني: ضعيف، ومعنى قوله: "ثلاثاً": يحتمل أن يقول لها ذلك ثلاث مرات أو يمهلها ثلاثة أيام، وإذا نظرنا إلى ما سبق من الأحاديث بمفرداتها، يتبين أنها دلت على أحكام ثلاثة:

الأول: مشروعية قتل الحيات مطلقاً.

الثاني: النهي عن قتل حيات البيوت.

الثالث: مشروعية قتل حيات البيوت بعد التحريج عليه ثلاثاً.

ولذلك فإن العلماء اختلفوا في حكم قتل الحيات بناءً على هذه الأحاديث المذكورة ونحوها، وليس المجال مناسباً لذكر أقوالهم واجتهاداتهم في المسألة، ولكن نذكر ما يرجحه المحققون من أهل العلم، وهو كالتالي:

أنه يجوز قتل الحيات التي لا تكون في البيوت كالتي في البراري ونحوها - مطلقاً - من غير تحريج ولا إنذار؛ لعموم الأحاديث الدالة على مشروعية قتلها مطلقاً كما سبق ذكره،

أما الحيات التي تكون في البيوت وهي المسماة بجنَّان البيوت أو عوامر البيوت فلا يجوز قتلها إلا بعد التحريج عليها ثلاثاً كما سبق في صفة التحريج، إلا الأبتر ذا الطفيتين فإنه يقتل على كل حال سواءً أكان في البيوت أم في غيرها.

والله أعلم، -وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين -.

<<  <  ج: ص:  >  >>