للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله - صلى الله عليه وسلم-: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله) رواه أبو داود (٤٦٠٤) وإسناده صحيح، قال الأوزاعي عن حسان بن عطية - رحمه الله تعالى-: كان جبريل ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينزل بالقرآن. سنن الدارمي (١/١٥٣) .

تعذر العمل بالقرآن وحده في جملة من الأحكام:

كبيان كيفية الصلاة وعدد ركعاتها وأوقاتها وبيان نصاب الزكاة في قوله تعالى: "وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ"الآية، [البقرة: ٤٣] وبيان ما المراد بالحج والعمرة وشروطهما في قوله تعالى: "وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ" الآية، [البقرة: ١٩٦] ، وبيان ما هي السرقة الموجبة للقطع وما نصابها وما هو موضع القطع في قوله تعالى: "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ"الآية [المائدة: ٣٨] .

وأخيراً فإن حجية السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما علم من الدين بالضرورة لتظاهر الأدلة على ذلك وهو مرتبط بأصول العقيدة وهي الترجمة الحقيقية للإيمان برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - ولم يقع في ذلك نزاع بين المسلمين ممن يعتد بهم لأن الأمر من المسلمات الأساسية والبديهية، قال الإمام الشافعي: (لم أسمع أحداً نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم يخالف في أن فرض الله - عز وجل - اتباع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتسليم لحكمه، بأن الله - عز وجل - لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قول أحد بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأن ما سواهما تبع لهما، وأن فرض الله علينا وعلى من بعدنا ومن قبلنا في قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحد".

قال الحافظ ابن حزم: "لما بينا أن القرآن هو الأصل المرجوع إليه في الشرائع نظرنا فوجدنا فيه إيجاب طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووجدناه - عز وجل - يقول فيه واصفاً لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: "وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى" [النجم: ٣-٤] فصح لنا بذلك أن الوحي ينقسم من الله عز وجل إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - إلى قسمين: القرآن والسنة.

فلا يسع مسلماً أن يرجع عند التنازع إلى غير الله والسنة أو يرفض حكمهما، فإن فعل بعد قيام الحجة عليه فهو فاسق، وأما إن كان مستحلاً للخروج عن أمرهما فهو كافر بالإجماع. أ. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>