للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفر سابَّ الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-

المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي

عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٤/٣/١٤٢٣

السؤال

ما رأي فضيلتكم فيمن يقول: إن من سب الله -عز وجل- ورسوله الكريم ليس بكافر إلا إذا استحل ذلك، مع انتفاء شروط الموانع من العلم، والإكراه، والتأول، والخطأ، استدلالاً بما وقع لموسى -عليه السلام- لما ألقى الألواح، نرجو الجواب بشيء من التفصيل.

الجواب

سبّ الله -تعالى وتقدس- وسبّ رسوله -صلى الله عليه وسلم- من أكبر أنواع الكفر، بل هو أعظم من مجرد الردة عن الإسلام، ومن فعل ذلك وجب قتله، وهذا مذهب عامة أهل العلم، "إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً" [الأحزاب:٥٧] وقد قال الإمام إسحاق بن راهوية -رحمه الله-: "أجمع المسلمون على أن من سبّ الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، أو دفع شيئاً مما أنزل الله -عز وجل-، أو قتل نبياً من أنبياء الله -عز وجل- أنه كافر بذلك، وإن كان مقراً بكل ما أنزل الله".

وسبّ الله أو سبّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- كفر ظاهر؛ لجريان السب على لسان صاحبه، وكفر باطن؛ لأنه يدل على استهانته بالله -عز وجل- وبرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وانعدام خشيته من الله -عز وجل- وعدم تعظيم الله من قلبه، وذهاب توقير النبي -صلى الله عليه وسلم- من نفسه.

أما القول بأن السّاب لا يكفر إلا إذا استحل ذلك، ومع انتفاء الموانع من إكراه، وتأول، وخطأ، وحصول شرط العلم استدلالاً لما وقع لموسى -عليه السلام- لما ألقى الألواح فهذا القول يتضمن عدة أمور، الجواب عنها بعدة أوجه:

الأول: القول بأن السّاب لله -تعالى- ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- لا يكفر إلا إذا استحل ذلك، هذا اشتراط غير صحيح، بل إن أقوال أهل العلم تنص على أن من قال أو فعل ما هو كفر صريح كفر بدون تقييد ذلك بالاستحلال، والاستحلال وصف آخر يوجب الكفر، فلو استحل السّب ولم يقله كفر، والله -تعالى- وصف المستهترين بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بالكفر، فقال: "يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين" [التوبة:٦٤-٦٥-٦٦] .

وعندما جاء الذين نزلت فيهم هذه الآية يعتذرون إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعذرهم، وكان يردد عليهم هذه الآية، ولو كان الاستحلال يصح أن يرفع به حكم الكفر عنهم لسألهم النبي -صلى الله عليه وسلم-:هل كنتم تستحلون هذا الاستهزاء أم لا؟

قال القاضي عياض -رحمه الله-: "لا خلاف أن ساب الله -تعالى- من المسلمين كافر حلال الدم".

وقال ابن عبد البر -رحمه الله-: "ومن شتم الله -تبارك وتعالى-، أو شتم رسوله -صلى الله عليه وسلم-، أو شتم نبياً من أنبياء الله -صلوات الله عليهم- قُتِل إذا كان مظهراً للإسلام بلا استتابة".

<<  <  ج: ص:  >  >>