للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النية في الأركان العملية]

المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١٥/٠٥/١٤٢٥هـ

السؤال

ما وجه الخلاف في مشروعية النية بين الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج؟.

الجواب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا

محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد شرع الله النية لكل العبادات، وجعل ذلك شرطاً لصحة العبادة وقبولها، قال تعالى: "فاعبد الله مخلصاً له الدين"، والإخلاص لا يتحقق إلا بالقصد والنية، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات"متفق عليه، وقوله: "إنما الأعمال" يفيد الحصر، أي: لا عمل إلا بنية، وفي الجملة فإن النية معتبرة في كل العبادات.

ومحل السؤال: الصلاة والصيام والزكاة والحج، وهذه العبادات من أركان الإسلام، وقد أجمع العلماء على أنها لا تصح إلا بنية، ولكن قد تفترق هذه العبادات فيما بينها فيما يتعلق بالنية، وذلك بالنظر إلى ماهية هذه العبادات، وهل هي متميزة بنفسها، أو لا؟ فالصلاة تشترط لها النية في أولها، ويستصحب المصلي هذه النية أثناء الصلاة، والصلاة من الأفعال المتميزة بنفسها؛ لأن أفعالها المتوالية من الوقوف، والركوع والسجود، لا تفعل في غير الصلاة بهذه الهيئة، ولكن تبقى النية التي تميز بين رتب العبادات، فينوي أن هذه الصلاة فرض أو نفل، وينويها فجراً أو ظهراً وهكذا.

أما الصيام فإنه يختلف عن الصلاة؛ فهو ليس من الأفعال المتميزة، فالإنسان قد يترك الأكل والشرب تطبباً أو نسياناً أو لعدم الحاجة ونحو ذلك، ولذلك فإن النية مشترطة للصيام، ولذلك قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له" رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وهذا الحديث يدل على أن النية يجب أن تتقدم على الصيام، ويستثنى من ذلك صوم التطوع، فإنه يصح بنية من النهار؛ فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يسأل أهله عن الطعام، فإن وجد شيئاً أكله وإلا صام.

وكذلك الصيام يفتقر إلى النية التي تميز بين الفرض والتطوع، والنذر والقضاء.

وكذلك الزكاة، فإن الإنسان مطالب بنيتها وقت دفعها لمستحقها؛ لأن دفع المال للمسكين قد يكون للتطوع، وقد يكون للزكاة، وقد يكون للنذر، ولا يتعين واحد من هذه المقاصد إلا بالنية، ولأجل اشتراط النية وقت دفع الزكاة لم يصح أن ينوي الإنسان احتساب بعض الأموال التي أقرضها لغيره من الزكاة؛ لأنه لم ينوها في الوقت المعتبر للنية، والنية لا يجوز أن تتأخر عن العبادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>