للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إعادة الدفن في القبور القديمة]

المجيب د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢/٢/١٤٢٣

السؤال

أنا مسلم من فلسطين أسكن في قرية سكانها حوالي (٨٠٠٠) نسمة، ندفن موتانا في مقبرة مساحتها حوالي (٨) دونومات، وقد امتلأت المقبرة بالقبور، فرأى بعض الناس أن يدفنوا الموتى في القسم الغربي منها، وفيه قبور مضى عليها أكثر من (٤٠) سنة، ورأى البعض الآخر أن تطمر هذه المنطقة الغربية بالتراب على ارتفاع حوالي (١،٥) متر، ومن ثم يدفن فيها، السؤال: هل هذان العملان جائزان شرعاً؟ بيّنوا لنا الحكم مع الأدلة.

الجواب

الواجب المتعين شرعاً أن يدفن كل مسلم بقبر بمفرده؛ لأن دفنه في قبره مفرداً تحقيقاً للكرامة التي جعلها الله لابن آدم؛ لأن كرامته وهو ميت ككرامته وهو حي، حيث قال-تعالى-:"ولقد كرمنا بني آدم" [الإسراء:٧٠] ، وقال -تعالى-:"ثم أماته فأقبره" [عبس:٢١] ، ولكن عند الضرورة أو الحاجة الملحة يجوز دفن الاثنين أو الثلاثة في قبر واحد كما فعل -عليه السلام- في غزوة أحد، حيث كان يجمع الرجل والرجلين والثلاثة في قبر واحد" رواه أبو داود (٣١٣٦) والترمذي (١٠١٦) ، وعن هشام بن عامر، قال: "شكي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كثرة الجراحات يوم أحد، فقال: احفروا، وأوسعوا، وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد، وقدموا أكثرهم قرآناً" رواه الترمذي (١٧١٣) ، وقال:" حسن صحيح" وأبو داود (٣١٣٦) والنسائي (٢٠١٥-٢٠١٦) .

وعليه فإنه عند الضرورة ككثرة الموتى، وقلة من يدفنهم، وخوف الفساد عليهم يجوز دفن أكثر من واحد في قبر، ويجعل بينهم فاصلاً من تراب، والدليل قوله -تعالى-: "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه" [البقرة:١٧٣] ، أما إذا لم تكن ضرورة ولا حاجة ملحة فلا يجوز نبش قبر ودفن غيره بدله فإنه من المحرمات.

أما إذا تأكدنا أو غلب على الظن أن هذه الجهة من المقبرة قد بليت عظامها، وذلك بقدمها حيث مرت عليها عقود طويلة كأربعين سنة ونحوها -كما ذكر السائل-، وكانت المقبرة قد ضاقت وليس من سبيل في توسعتها فلا بأس حينئذ من الدفن في تلك الجهة، أو تطمر بالتراب لترتفع، ثم يقبر فيها ما استجد من الأموات، وإذا شككنا في أن العظام قد بليت وصارت رميماً رجع إلى قول أهل الخبرة، وإذا وجد بعض العظام البالية تنقل وتدفن في مكان آخر، وعلى مثل هذا العمل في مقبرة المعلاة بمكة، ومقبرة البقيع بالمدينة المنورة، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>