للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكفريات في الأعمال الأدبية]

المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١٨/١/١٤٢٣

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله، يحتج الذين يكتبون روايات فيها سب لله ولرسوله أن الشتائم والسب الموجودة في الرواية هي صادرة من الشخصيات المكتوبة في الرواية وليست من الكاتب ويقولون: أن ناقل الكفر ليس بكافر.

السؤال: هل من يكتب رواية فيها سب لله ولرسوله على لسان شخصيات الرواية كمن يكتب كتاباً لتحذير العامة من مناهج فاسدة وطوائف منحرفة؟ وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الجواب عن هذا السؤال يقع في نقطتين:

الأولى: أما تكفير المذكور بما وقع في رواياته من الكفريات ففيه نظر وإن كانت شخصيات رواياته مختلقة من تلقاء نفسه؛ لأنه في معرض من ينقل ويحكي..، والله أعلم بنيّته، لكنها -ولا شك- توقُّحٌ وسوء أدب وقلة دين يستحق بها أعظم التعزير.

وأما ما فيها من صور التفحُّش والمجون والإسهاب ببذاءة في وصف شخصيات الرواية وحوادثها فهي تشي بشخصية كاتبها ونفسيته، فهي شخصية شهوانية مريضة حيرى تبحث عن الشهرة وتتسبب إليها ولو بأخس الأسباب.

الثانية: هذا السؤال يدل على أزمة في الفكر ما زالت تعانيها الأمة منذ أمد بعيد. وهذه القضية التي تضمنها السؤال تكشف عن إحدى جوانب تلك الأزمة، فتعاملنا مع ذلك النتاج الفكري أو الأدبي المتسفِّل إلى الرَّغام غالباً ما يقع في اندفاع وتسرع تسوقه العاطفة والحماسة اللاعجة ... والتي لا ينقصها الصدق والإخلاص والغيرة بقدر ما ينقصها الوعي والفطنة وحسن الرأي وتقدير العواقب. وقد آن لنا أن نعي -بعد هذه التجربة المريرة- أننا بحاجة إلى توظيف العاطفة لا إلى إرضائها، وإلى إعمال العقل لا إلى تعطيله، وأن نصرِّف الغيرة والحمية حيث ينبغي أن تصرَّف.

لقد قصدنا إنكار هذه الأعمال الساقطة والرد عليها وإسقاط أصحابها ومحاربة وجودها واجتثاثها ... إلخ، فما جنينا من ذلك إلا نقيض قصدِنا وخلاف مرادنا، لقد كانت سوق هذه الروايات كاسدة فروَّجنا لها، وكان بعض مؤلفيها مغموراً فجعلناه شهيراً يبحث الناس عن مؤلفاته، ويسألون عن نتاجه، كلُّ ذلك من جراء الضجة التي أثرناها حولها، ودفعنا - من حيث لا نشعر- بعض هؤلاء المرضى إلى البحث عن الشهرة عبر هذه البوابة القذرة.

أذكر أنني سألت مرة أحد أصحاب دور النشر عن روايات أحد هؤلاء الروائيين الماجنين كيف رواجها؟!. فأخبرني أن رواياته كانت متكدسة في معرضه، لا يكاد يسأل عنها أحد، وبعد الضجَّة الأخيرة التي ثارت على إحدى رواياته نفدت نسخها كلها في بضعة أيام!!!!

<<  <  ج: ص:  >  >>