للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الدعاوى الباطلة والشبهات الضالة التي أثارها أعداء الإسلام القول برد السنة مطلقاً، وأن القرآن يكفي وحده ولا حاجة إلى السنة، والغرض من هذه الدعوة الضالة الخبيثة هدم الشريعة وتقويض الإسلام، فالسنة هي المفسرة والمبينة للقرآن، فالطعن فيها طعن في القرآن وترك للعمل بنصوصه التي تحتاج إلى بيان، وكان بداية هذه الدعوة الخبيثة والانحراف الخطير في أواخر عهد الصحابة –رضي الله عنهم-، ثم تطور مع الزمن حتى جاء الاستعمار الغربي وذلك عبر طلائعه من المبشرين والمستشرقين وأتباعهم من أشباه العلماء وأبواق الاستعمار الذين قصدوا القضاء على الإسلام وهدم الشريعة فأحيوا ما اندثر من هذه البدع والآراء المنحرفة، وقد تصدى الصحابة –رضي الله عنهم- لهذا الانحراف، فعن الحسن البصري أن عمران بن حصين- رضي الله عنه- كان جالساًً ومعه أصحابه، فقال رجل من القوم: لا تحدثونا إلا بالقرآن، قال فقال له: ادنه فدنا، فقال: "أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد فيه صلاة الظهر أربعاً، وصلاة العصر أربعا، ً وصلاة المغرب ثلاثاً تقرأ في اثنتين؟ أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد الطواف بالبيت سبعاً، والطواف بالصفا والمروة؟ ثم قال: أي قوم خذوا عنا فإنكم والله إن لا تفعلوا لتضلن" أخرجه البيقهي في مدخل الدلائل (١/٢٥) ، وأخرجه الخطيب في الكفاية (٤٨) ، وأخرجه ابن عبد البر في الجامع (٢/١٩١) ، ثم ما زال العلماء يردون على هذه الشبهات ويوضحوا الأدلة الدالة على حجية السنة ومنهم الإمام الشافعي فقد بسط القول في الرد على هذه الشبهة في كتاب (جماع العلم) ، حيث قال: "باب حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها" ثم شرع في الرد عليهم، والمقام لا يتسع لبسط الأدلة في الرد على هذه الدعوة الخبيثة لكن حسبي أن أذكر بعض الأدلة وفيها كفاية لمن وفقه الله وأراد الحق، فأقول السنة المطهرة حجة باتفاق العلماء سواء منها ما كان على سبيل البيان للقرآن أو على سبيل الاستقلال، وقد دلت الأدلة المستفيضة من القرآن والسنة على وجوب اتباع النبي- صلى الله عليه وسلم- والتحذير من مخالفة أمره ونهيه عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً" [النساء:٥٩] .

<<  <  ج: ص:  >  >>