للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ميمون بن مهران: "الرد إلى الله هو الرجوع إلى كتابه، والرد إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم- هو الرجوع إليه في حياته وإلى سنته بعد مماته"، وقال تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ... " [آل عمران: من الآية٣١] ، وقال تعالى: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ... " [النساء: من الآية٨٠] ، فقد جعل طاعة رسوله – صلى الله عليه وسلم- من طاعته سبحانه، وحذر من مخالفته فقال: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ... " [النور: من الآية٦٣] ، فلولا أن أمره حجة ولازم لما توعد على مخالفته بالنار، وقال سبحانه وتعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ... " [الأحزاب: من الآية٢١] ، وقال سبحانه: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً" [النساء:٦٥] ، وقال سبحانه: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" [الحشر: من الآية٧] وقد فهم الصحابة – رضوان الله عليهم- من هذه الآيات وجوب الرجوع إلى السنة والاحتجاج بها، روى البخاري في صحيحه (٤٨٨٦) عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- قال: "لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، فقالت أم يعقوب: ما هذا؟ قال عبد الله – رضي الله عنه- وما لي لا ألعن من لعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وفي كتاب الله، قالت: والله لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدته، فقال: والله لئن قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله تعالى: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" [الحشر: من الآية٧] ، وحينما بعث النبي –صلى الله عليه وسلم- معاذاً– رضي الله عنه- إلى اليمن قال له: "بم تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟، قال: بسنة رسول الله –، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأي ولا آلو فضرب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله" أخرجه أبو داود (٣٥٩٢) ، وأما الأحاديث الدالة على وجوب اتباع السنة فكثيرة منها ما رواه أبو داود في سننه (٤٦٠٤) عن المقدام بن معد يكرب – رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا إنني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يقول: عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوا وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السباع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فعليه أن يعقبهم بمثل قراه قال الخطابي: وقوله: "يوشك رجل شبعان ... "يحذر بهذا القول من مخالفة السنن التي سنها مما ليس له من القرآن ذكر على ما ذهبت إليه الخوارج والروافض فإنهم تمثلوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي قد ضمنت بيان الكتاب فتحيروا

<<  <  ج: ص:  >  >>