للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[منع المبتدعة من المساجد]

المجيب د. سالم بن عبد الغني الرافعي

رئيس الجمعية الإسلامية في برلين

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١٤/١١/١٤٢٤هـ

السؤال

ما الحكم إذا دعا المسلم إلى بدعة أو قام بفتنة تشق الصف، أو تآمر مع الأعداء ضد المسؤولين عن المسجد؟ هكذا يصاغ السؤال من طرف من يريد الجواب بجواز المنع عند الحاجة، وهل يجوز منع المسلم من الصلاة في المسجد إذا حاول توجيه النصيحة إلى المسؤولين ودعا إلى فتح باب الحوار الداخلي بشكل مفتوح وصريح وبإيجاد ضمانات لشيئين:

(١) حق الجميع في المشاركة في الحوار دون تسفيه لهم أو توبيخ أو إقصاء.

(٢) ضوابط منهجية محايدة للحوار تؤصل أسسه ومرجعيته وأساليبه.

لا شك أن الإسلام ضمن هذه النقاط وأكثر منها لتحقيق العدالة بين الناس والمساواة بين المسلمين. فهلا فصلتم لنا بالإجابة-وفقكم الله- علها تقنع كلا الطرفين فتكون ميزاناً وسطاً مستنبطاً من الأدلة التفصيلية، معتبراً مقاصد الشريعة وقواعدها الكلية بطبيعة الحال، فيرجع إليها الطرفان ليتخلصا من الإفراط والتفريط. وهذا لا يغني عن سلامة الصدور والنوايا والإخلاص، ولكنه لا شك يعين بإذن الله إذا أحسن الظن بالطرف الآخر واجتهدنا في محاسبة أنفسنا ومراجعتها.

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فجواباً للسؤال الذي طرح من قبل الأخ الكريم، نستعين الله تعالى ونقول:

إن عمارة المساجد وصيانتها، والإشراف عليها، وحمايتها من أهل الأهواء والبدع هي مهمة ملقاة على عاتق أمير المؤمنين أو من ينوب منابه.

فإن قام بعض أهل البدع بالدعوة إلى بدعة في المسجد وكانت من البدع الخطيرة فعلى السلطان أو نائبه زجره وإقامة الحجة عليه.

فإن تاب وإلا عزر بما يردعه عن نشر بدعته، ومن التعزير الجائز تحذير الناس منه، وقد ورد نحو هذا عن عمر - رضي الله عنه- حين حذر الناس من صبيغ بن عسل الذي كان يتبع متشابه القرآن ويشوش عقول الناس به وضربه. انظر ما رواه الدارمي (١٤٤) والشريعة للآجري (٧٣) .

وفي الصحيحين البخاري (٤٥٤٧) ومسلم (٢٦٦٥) من حديث عائشة - رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم، كما أن للسلطان منعه من ارتياد المساجد إذا خيف على الناس منه.

والأصل في هذا ما قعده الفقهاء في قولهم: يدفع أعظم الضررين بارتكاب أهونهما، فإن منع المسلم من المسجد أمر منكر وهو ضرر، ولكن إذا انتهز فرصة اجتماع الناس في المسجد فقام بنشر بدعته منع من دخوله؛ لأن إضلال الناس أمر أعظم خطراً من الأول. يقول تعالى: "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين" [البقرة:١١٤] .

فالآية صريحة في منع الساعين في خراب المساجد من دخولها آمنين. وإن نشر البدع فيها من تخريبها؛ لأن عمارتها كما تكون ببنائها تكون أيضاً بنشر ذكر الله والعلم النافع فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>