للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١) أن ينظر في الخطأ الذي وقعت فيه الهيئة، فإن كان معصية بينة، أو بدعة ظاهرة، بين لهم برفق ولين حتى لا يعين الشيطان عليهم، فإن رجعوا وإلا نظر: فإن كانت المعصية قاصرة غير متعدية أي تشمل الهيئة ولا يتعدى ضررها سواهم فالأولى الستر، خاصة إذا أدى نشر معصيتهم بين المصلين إلى إشاعة الفساد وافتتان ضعفاء الإيمان. وكذا إذا كانت بدعتهم قاصرة عليهم لا يقومون بنشرها، وأما إذا كان ضرر معصيتهم متعدياً إلى المصلين، أو كانوا يدعون إلى بدعتهم لزم تحذير الناس من ذلك.

(٢) أما إذا كان خطؤهم من المسائل الاجتهادية التي يجوز الاختلاف فيها فلا ينكر عليهم، ولك أن تنصحهم بكل رفق فإن أبوا فلا حرج عليهم، ولا يجوز لك أن تطعن برأيهم، أو تجبرهم على رأيك.

(٣) إذا كان خطؤهم من المسائل الإدارية والتنظيمية التي لا يتعلق بها تحريم فيجوز نصيحتهم برفق، فإن أبوا تركوا؛ لأن هذه المسائل لا يتعلق بها حرمة شرعية ولا يجوز الإنكار عليهم أمام الناس بسبب هذه الأخطاء، أو تفنيد آرائهم لذلك. فإن هذا مفسدة محققة، وما فعلوه ليس مفسدة.

وبعد هذا البيان نرجع إلى سؤال الأخ هل يجوز منع المسلم من دخول المسجد إذا وجه النصيحة إلى الهيئة المشرفة (المسؤولين) ، أو دعا إلى فتح باب الحوار؟ والجواب أنه لا يصلح أن يقال: نعم أو لا، إلا بعد الاستفصال عن نوع الحوار والنصيحة الموجهة إلى الهيئة، أو بالأحرى الاستفصال عن الخطأ الذي وقعت فيه الهيئة مما استوجب إسداء النصيحة إليهم ودعوتهم إلى الحوار.

هل يندرج خطؤهم تحت المعصية البيئية والبدعة المضلة؟ أو تحت المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الاختلاف؟ أو تحت المسائل الإدارية التي لا تتعلق بالتحريم؟.

وأياً كان خطؤهم وأراد أحد الناس أن ينصحهم، فعلى الناصح أن يوجه النصيحة إليهم مباشرة، وبرفق ولين.

فإن منعوه بعد ذلك من دخول المسجد بسبب إسداء النصيحة لهم، فهم آثمون صادون عن سبيل الله.

وأما إذا تعدى الناصح في نصيحته فقام بنشر أخطائهم بين الناس، والتشهير بهم ودعا الناس إلى مواجهتهم وعزلهم سيما إذا لم تكن أخطاؤهم من البدع الخطيرة، والمعاصي البينة، فهذه مفسدة عظيمة لأن فيها تفريقاً للصف، وإثارة للبلبلة.

وصرف الناس عن تعليم دينهم، ففي هذه الحالة يحق للهيئة المشرفة أن تواجه هذه المفسدة بالطريقة التي تحسمها.

فإن أمكن حسمها بالموعظة الحسنة وجبت ولم يجز تعديها إلى سواها، وإن لم يمكن حسمها إلا بمنع المفسدين من دخول المسجد جاز لهم ذلك، لأن تفريق الصف وصرف المسلمين عن تعلم دينهم وإقامة شعائرهم فتنة أعظم من منع بعض المشوشين من دخول المسجد.

والله نسأل أن يلهمنا السداد في القول والعمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>