للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس العلم بخفايا التكوين من مهام الشيطان وإنما الإغواء والتضليل بمكر ودهاء عن منهج المرسلين في عبادة الله تعالى وحده وفق قوله تعالى: "لأقْعُدَنّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ. ثُمّ لاَتِيَنّهُمْ مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ" [الأعراف: ١٦- ١٧] ، وقوله تعالى: "يَعِدُهُمْ وَيُمَنّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشّيْطَانُ إِلاّ غُرُوراً" [النساء: ١٢٠] ، وقوله تعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِيّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً " [الأنعام: ١١٢] ، وفي مشهد تبرأ الشيطان نفسه ممن أضلهم تتجلى حقيقة مهمته في قوله تعالى: "وَقَالَ الشّيْطَانُ لَمّا قُضِيَ الأمْرُ إِنّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقّ وَوَعَدتّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَانٍ إِلاّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوَاْ أَنفُسَكُمْ مّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيّ إِنّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [إبراهيم: ٢٢] ، وحتى في مهمته تلك رغم المهارة لا يقع الكل فرائس وفق قوله تعالى: "إِنّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَىَ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىَ رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ إِنّمَا سُلْطَانُهُ عَلَىَ الّذِينَ يَتَوَلّوْنَهُ وَالّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ" [النحل: ٩٩-١٠٠] ، وقوله تعالى: "إِنّ كَيْدَ الشّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً" [النساء: ٧٦] ، وليست فرية نسبة القرآن للشياطين سوى ترديد عاجز لحيرة عتاة المكابرين الأولين التي نفاها قوله تعالى: "وَمَا تَنَزّلَتْ بِهِ الشّيَاطِينُ. وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ إِنّهُمْ عَنِ السّمْعِ لَمَعْزُولُونَ" [الشعراء: ٢١٠-٢١٢] ، والبينة هي المضمون في الدعوة للفضيلة لا الرذيلة كما قال تعالى: "هَلْ أُنَبّئُكُمْ عَلَىَ مَن تَنَزّلُ الشّيَاطِينُ تَنَزّلُ عَلَىَ كُلّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ" [الشعراء: ٢٢١-٢٢٢] .

ومجمل القول أن فرية نسبة القرآن للشيطان دليل على العجز واستنفاذ كل الأعذار عناداً ومكابرة وتهربا من الحقيقة بادعاء يعوزه الدليل, ولابد أن تعرض للفطين تساؤلات:

(١) إذا كان الشيطان هو المصدر فكيف ذم نفسه في القرآن؟.

(٢) وإذا كان ذلك المصدر أكيدا فلماذا حاروا إذن فلفقوا معه جملة افتراضات ليس منها الوحي من الله القادر على كل شيء وكأنه تعالى ليس له عندهم وجود؟.

(٣) وإذا كان الشيطان رأسا لكل زائف ورذيلة يرتكبها الإنسان فكيف أيد كتابا لا تجد فيه إلا الحقيقة والدعوة إلى الفضيلة؟.

(٤) وإذا كان عالماً بحقائق التكوين قبل عصر الاكتشافات العلمية بقرون فلماذا خص بها دون الجميع خاتم النبيين؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>