للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حقيقة تنعم الشهداء في الجنة]

المجيب صالح بن درباش الزهراني

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١٨/١٢/١٤٢٦هـ

السؤال

كلنا يعلم من خلال آيات القرآن والأحاديث أن الشهداء الذين يقتلون من أجل إعلاء راية الله هم أحياء عند ربهم يرزقون وفي جوف طير خضر ينعمون بالجنة, السؤال: هل هذه الحياة روحية بدون الجسد, وما هي صفة النعيم الذي ينعمون به في الجنة هل هو حور عين ومأكل ومشرب وغير ذلك أم نعيم معين أو مؤقت حتى تقوم الساعة, وكيف نوفق بين هذا وبين المنقول عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه أول من يدخل الجنة، هل يعني هذا أن الشهداء يسبقون الأنبياء في دخول الجنة. أرجو للإفادة جزاكم الله خيراً عن أمة الإسلام.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فقد ثبت في صحيح مسلم (١٨٨٧) وغيره "أن أرواح الشهداء في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل وأن ربهم يطلع عليهم فيقول: هل تشتهون شيئا؟ ... قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا

حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى....".

فدل هذا الحديث وغيره على أن الذي منهم في الجنة هو أرواحهم لا أجسادهم، وثبت أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم، وغير ذلك مما اختص به الشهداء.

وأصناف نعيمهم داخلة تحت قوله: "أحياء عند ربهم يرزقون" [آل عمران:١٦٩] . وهذا النعيم نعيم برزخي (بين الدنيا والآخرة) يأكلون من ثمار الجنة ويشربون من أنهارها ويأوون إلى قناديل معلقة بالعرش الذي هو سقف الجنة، وهذا النعيم دون النعيم الأخروي ولا شك، فمنازل الشهداء ودورهم وقصورهم التي أعد الله لهم في الجنة ليست هي تلك القناديل التي تأوي إليها أرواحهم في البرزخ، قطعاً، فهم يرون منازلهم ومقاعدهم من الجنة ويكون مستقرهم في تلك القناديل المعلقة بالعرش، أما الدخول التام الكامل فإنما يكون يوم القيامة، وأما قبل يوم القيامة فهو دخول للأرواح فقط. وتنعُّم الأرواح بالجنة في البرزخ شيء، وتنعُّمها مع الأبدان بالجنة يوم القيامة شيء آخر، فغذاء الروح من الجنة في البرزخ دون غذائها مع بدنها يوم البعث، وأما تمام الأكل والشرب واللبس والتمتع فإنما يكون إذا ردت إلى أجسادها يوم القيامة. وقد ورد أن نبينا محمداً -صلى الله عليه وسلم- أول من يدخل الجنة، والمراد به الدخول الكامل؛ أعني دخول الأرواح مع أبدانها، فهو -صلى الله عليه وسلم- أول الداخلين الجنة بهذا المعنى، ولا يعارضه دخول أرواح الشهداء الجنة قبل يوم القيامة، لأنه دخول للأرواح فقط، وهو دون الدخول الكامل يوم القيامة، الذي تكون الأولوية فيه للرسول -صلى الله عليه وسلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>