للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تدوين السنة]

المجيب سليمان بن عبد الله القصير

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٠٢/٠٤/١٤٢٧هـ

السؤال

هل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة السنة؟ ولو كان ذلك فكيف تمت كتابتها مع نهي النبي- صلى الله عليه وسلم- عن ذلك؟ ويرجى ذكر حديث المنع أو الجواز. وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى قد تكفَّل بحفظ السنة النبوية من النسيان والضياع، فقال تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" [الحجر: ٩] ، والذكر هنا القرآن والسنة كما قال علماء التفسير، فقيض الله تعالى للحديث النبوي رجالاً سهروا الليالي ووجهوا للحديث العناية التامة حفظاً وإتقاناً وفهماً وتبليغاً للأمة، فتناقلها الخلف عن السلف غضة طرية، كما تكلم بها النبي - صلى الله عليه وسلم-، وقد كان حفظ السنة بطريقتين:

الأولى: بكتابة شيء منها، وقد ورد هذا في أحاديث متعددة منها ما أمر به - صلى الله عليه وسلم- ومنها ما أقر أصحابه على كتابه وتدوينه ومن ذلك:

(١) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لما فتح مكة قام وخطب في الناس، فقام رجل فقال: اكتبوا لي يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: اكتبوا له، رواه البخاري ومسلم وغيرهما، أخرجه البخاري في العلم باب كتابة العلم ح (١١٢) ، ومسلم في الحج باب تحريم مكة ح (١٣٥٥) .

(٢) قول أبي هريرة - رضي الله عنه-: "ما من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- أحد أكثر حديثاً عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب" رواه البخاري في العلم باب كتابة العلم ح (١١٣) .

(٣) وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أريد حفظه فنهتني قريش، وقالوا: تكتب كل شيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- فأومأ بإصبعه إلى فيه، وقال: "اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق" أخرجه أبو داود ح (٣٦٤٦) ، وابن أبي شيبة (٩/٤٩-٥٠) ، والدارمي (١/١٢٥) ، وأحمد (٢/١٦٢) والحاكم (١/١٠٥-١٠٦) ، وإسناده صحيح.

(٤) وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه كتب كتباً متعددة إلى أمرائه على الأقاليم ببعض الأحكام الشرعية وهي من السنة قطعاً، كما إن في بعضها تفصيلاً طويلاً كما في كتاب عمرو بن حزم وهو كتاب مشهور، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة لا يسع المجال لذكرها.

وأما حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- الذي رواه مسلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ... الحديث" أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم ح (٩٣) ، وهذا هو أصح حديث في النهي عن كتابة الحديث، وهناك أحاديث أخرى لكنها ضعيفة لا تصح ولا تثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>