للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ ابن كثير- بعد أن أورد الحديث: (فهذا حديث المنام المشهور، ومن جعله يقظة فقد غلط) . وقد نقل القاضي عياض اتفاق العلماء على جواز رؤية الله في المنام وصحتها [ينظر: إكمال المعلم (٧/٢٢٠) ] .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وقد يرى المؤمن ربه في المنام في صور متنوعة على قدر إيمانه ويقينه، فإذا كان إيمانه صحيحًا لم يره إلا في صورة حسنة، وإذا كان في إيمانه نقص رأى ما يشبه إيمانه ... ) [مجموع الفتاوى (٣/٣٩٠) ] .

وأما ما جاء في هذا الحديث من وصف النبي صلى الله عليه وسلم لربه، فهو حق يجب الإيمان به من غير تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه، كما قال عز وجل عن نفسه: (لَيس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى: من الآية١١] .

قال الحافظ ابن رجب: (وأما وصف النبي صلى الله عليه وسلم لربه عز وجل، بما وصفه به، فكل ما وصف النبي صلى الله عليه وسلم به ربه عز وجل فهو حقٌّ وصدقٌ يجب الإيمان والتصديق به، كأنما وصف الله عز وجل، به نفسه مع نفي التمثيل عنه، ومن أشكل عليه فهم شيء من ذلك واشتبه عليه فليقل كما مدح الله تعالى به الراسخين في العلم وأخبر عنهم أنهم يقولون عند المتشابه: (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) . وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن: "ومَا جَهِلْتُمْ مِنْهُ فَكِلُوهُ إِلَى عَالِمِهِ". أخرجه الإمام أحمد والنسائي وغيرهما. ولا يتكلف ما لا علم له به فإنه يخشى عليه من ذلك الهلكة) .

وقد أفرد الحافظ ابن رجب، رحمه الله، شرح الحديث في كتاب مستقل، وهو: (اختيار الأوْلَى في شرح حديث الملأ الأعلى) . وهو كتاب نفيس توسع فيه ابن رجب في شرح الحديث، فيحسن الرجوع إليه. هذا، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>