للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صلاة المأمومين أمام الإمام في المسجد الحرام]

المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم

عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١٣/١٠/١٤٢٤هـ

السؤال

السلام عليكم.

أثناء فترة الحج لاحظت أن إمام المسجد الحرام يصلي في الشرفة ولا يقترب من الكعبة، وفي الأوقات الأخرى إذا لم يتقدم الإمام نحو الكعبة يتم عمل مساحة مثلثة بحيث لا يستطيع الناس الصلاة فيها، فلا يصلي أحد أمام الإمام، لكن أثناء موسم الحج فلو كان الحرم مزدحماً يصلي الناس بسهولة أمام الإمام.

وفي موسم الحج الماضي صليت صلاة العشاء في الصف العاشر، وكان الإمام خلفي تماماً وكنت أصلي أمامه بخط مستقيم تقريباً، والغريب أنه لم يكن هناك ازدحام، وقد تمكنت من تغيير وضعي بحيث لا أكون أمام الإمام مباشرة، لكن بالطبع صلى كثير من الناس أمام الإمام، لا أدري إذا كان هناك فتوى جديدة تسمح بهذه البدعة، والذي يظهر أنه تم اتخاذ الفعل المطلوب ثم صدرت الفتوى بتبريره، أرجو التوضيح.

الجواب

الحمد لله وحده، وبعد:

فإن مسألة صلاة المأموم أمام الإمام من المسائل الخلافية أو الاجتهادية التي لا يعد المخالف فيها مبتدعاً، أو واقعاً في بدعة، خلافاً لما توهمه السائل، وبيان ذلك أن للعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال:

الأول: أن الصلاة لا تصح أمام الإمام مطلقاً، سواء كان لعذر أو لغير عذر، وهذا هو مذهب الحنفية، والشافعية -في الجديد- والحنابلة، كما في البحر الرائق (١/٣٧٤) ، ومغني المحتاج (١/٢٤٥) والإنصاف مع الشرح الكبير (٤/٤١٨) .

الثاني: أن الصلاة تصح أمام الإمام -ولو لغير عذر- مع الكراهة وهذا هو المشهور في مذهب مالك، كما في الكافي لابن عبد البر (١/٢١١-٢١٢) وهو القول القديم للشافعي، كما في مغني المحتاج (١/٢٤٥) .

الثالث: أن الصلاة لا تصح أمام الإمام إلا لضرورة، إما لضيق المكان، أو لزحام ... ، فتصح الصلاة للعذر، والواجب يسقط بالعذر، ولهذا يسقط عن المصلي ما يعجز عنه من القيام والقراءة واللباس الساتر للعورة، والطهارة ونحو ذلك، ودليل ذلك الآيات والأحاديث الدالة على رفع الحرج، وعلى التكليف بقدر الاستطاعة، كما في قوله تعالى:"لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ... " [البقرة:٢٨٦] وقوله:"فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن:١٦] ، وحديث عمران بن حصين - رضي الله عنه-:"صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً ... " الحديث رقم (١١١٧) في صحيح البخاري. وهذا القول هو رواية عن مالك -رحمه الله- كما في الكافي لابن عبد البر (١/٢١١-٢١٢) وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (٢٣/٤٠٤-٤٠٥) ، وما يقع في الحرم المكي في موسم الحج منزل على هذا القول؛ لأنه مظنة الزحام، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>