للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تحويل المسجد إلى منزل]

المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان

عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢/٢/١٤٢٥هـ

السؤال

فضيلة الشيخ: -وفقه الله-آمين.

عندنا سؤال وهو: أنه بني عندنا مسجد في منطقة بحرية، يسكنها مجموعة من الصيادين، حوالي سبعين صيادًا في فترة ثلاثة أشهر، فترة وجود الصيد؛ ولكن لأن المسجد بني في مكان مرتفع لذا لم يُصَلَّ فيه إلا فرضان فقط، وعمل الصيادون على إنشاء مصلى قريب من المسجد، وفي مكان منخفض يصلي فيه الصيادون الصلوات, وعليه فقد اقترح علينا شخص أن يبني المصلى الذي في المكان المنخفض ويجعله مسجداً على أن يأخذ المسجد الأول الذي بني في المكان المرتفع له يستخدمه كمنزل، ونحن إذ نتقدم إليكم بهذا السؤال نريد أن نعرف حكم الشرع في هذا العمل؟ وهل نقدم عليه؟ أرجو أن تقرن الفتوى مع دليل أو تعليل. وجزاكم الله خيراً.

الجواب

إذا تعطلت منافع الموقف كالمسجد جاز نقله أو بيعه واستبداله بموضع آخر، كما ذكر في السؤال أن مسجد الصيادين الموجود في المرتفع لا يصلى فيه تسعة أشهر من السنة لغياب الصيادين نظراً لتعذر الصيد هذه المدة؛ فهو مهجور لا يصلى فيه من الصلوات الخمس غير وقتين فقط، مما اضطر هؤلاء الصيادين أن يحددوا لهم مصلى في مكان منخفض، وعرض عليهم شخص أن يبني مصلاهم مسجداً مقابل أن يعطوه المسجد المهجور الذي في المرتفع.

ومما يظهر من السؤال أن هذا المسجد الذي في المرتفع قد تعطلت منافعه، والوقف إذا تعطلت منافعه جاز نقله إلى موقع آخر إن أمكن، وإلا جاز بيعه ووضع ثمنه في مسجد آخر، وعليه يجوز تمليك المسجد الذي تعطلت منافعه ببناء مسجد بديل له، وهذه المعاوضة نوع من البيع. والدليل على نقل المسجد والتصرف فيه للصالح العام إذا تعطلت منافعه ما ثبت عند الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- أنه كتب إلى واليه سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- لما بلغه أن بيت المال بالكوفة قد نقب (أي لغرض سرقته) أن أنقل المسجد الذي بالتمارين؟ (اسم موضع) واجعل بيت المال في قبلة المسجد فإنه لا يزال في المسجد مصل، وكان هذا بمشهد الصحابة - رضي الله عنهم-، ولم يخالف فيه أحد فصار إجماعاً انظر مجموع فتاوى ابن تيمية (٣٠/٤٠٥) ووجه الاستدلال أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- أمر بنقل المسجد من مكانه إلى جوار بيت المال لمصلحة بيت المال، وإن لم تتعذر منافع المسجد بالكلية، والمسجد المسؤول عنه أولى من هذا، لتعذر الانتفاع كلية وليعلم أن الفقه الحي هو ما يراعي المقاصد الشرعية ومآلات الأمور وليس من هذا الفقه الجمود وعدم النظر والاجتهاد، والأخذ برخص الله المباحة عند الرجل الثقة من العلم المأمور به، أما التشدد والعنف فكل الناس يحسنه، كما قال سفيان الثوري - رحمه الله- والخلاصة يجوز للرجل تملك موضع المسجد المقام في المرتفع لتعطل منافعه مقابل أن يبني بدلاً منه المسجد المصلى الذي في المنخفض، ويحسن أن يتم هذا بمعرفة القاضي لديكم. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>