للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رسوم اشتراك على مرتادي المسجد]

المجيب د. نايف بن أحمد الحمد

القاضي بمحكمة رماح

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٨/٠٣/١٤٢٧هـ

السؤال

تنوي لجنة المسجد في مدينتنا الطلب من المسلمين مرتادي المسجد أن يدفعوا اشتراكا شهريا للمسجد، والغرض من الاشتراك توفير الأموال اللازمة لتسيير شؤون المسجد، من راتب للإمام والكهرباء والماء والتنظيف وغيرها، وكذلك لتوزيع أعباء المشاركة على أكبر عدد ممكن من المسلمين الذين يرتادون المسجد، وينتفعون بخدماته.

ولتشجيع أكبر عدد ممكن فإنه سيتم إعطاء الأولوية وتقديم خدمات مخفضة لدافعي الاشتراك، مثل تخفيض رسوم المدرسة الإسلامية، ورسوم عقد الزواج، ورسوم الدفن، وغيره.

فما حكم هذا الاشتراك الشهري، وهل يجوز للجنة المسجد أن تشترطه؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فالتبرع للمساجد وعمارتها عبادة يؤجر المرء عليها، قال تعالى: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ" [التوبة:١٨] .

قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "وليس المراد من عمارتها زخرفتها وإقامة صورتها فقط، إنما عمارتها بذكر الله فيها وإقامة شرعه فيها، ورفعها عن الدنس والشرك" ا. هـ التفسير (١/١٥٧) .

وقال تعالى: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رجال" [النور:٣٦] .

ذكر عبد الرزاق الصنعاني -رحمه الله تعالى-: في تفسيره عن الحسن قال: "أذن الله أن تبنى ويصلى له فيها بالغدو والآصال". تفسير الصنعاني (٣/٦١) .

وقال الطبري -رحمه الله تعالى-: "واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: "أذن الله أن ترفع" فقال بعضهم: معناه أذن الله أن تبنى ثم روى عن مجاهد (أذن الله أن ترفع) قال: تبنى. وقال آخرون معناه: أذن الله أن تعظم.

ثم روى عن الحسن في قوله: (أذن الله أن ترفع) يقول: أن تعظم لذكره.

ثم قال: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب القول الذي قاله مجاهد، وهو أن معناه أذن الله أن ترفع بناء، كما قال جل ثناؤه: "وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ" وذلك أن ذلك هو الأغلب من معنى الرفع في البيوت والأبنية " ا. هـ التفسير (١٨/١٤٥) .

وقال العلامة السعدي -رحمه الله تعالى- قوله تعالى: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ" [النور:٣٦] يعم أحكام المساجد كلها، فإنه أمر فيها بشيئين: برفعها الذي هو تعظيمها وصيانتها عن الأوساخ، والأقذار والأنجاس الحسية والمعنوية، وتعمر العمارة اللائقة بها، ويذكر فيها اسمه بأنواع التعبد من صلاة وقراءة، وتعلم علم نافع، وتعليم، وذكر الله تعالى، فكل ما قاله أهل العلم من أحكام المساجد وفصلوه فهو داخل في هذين الأمرين، فتبارك من جعل كلامه فيه الهدى والشفاء والنور" فتح الرحيم الملك العلام (١٢١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>