للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى خاتم النبيين: أي الذي ختمت به النبوة فطبع عليها فلا تفتح لأحد بعده إلى قيام الساعة. وهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده، وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بعده بطريق الأولى والأحرى؛ لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة، فإن كل رسول نبي، وليس كل نبي رسول. قال القاضي عياض: والصحيح الذي عليه الجم الغفير - أي عامة العلماء - أن كل رسول نبي، وليس كل نبي رسول. الشفاء (١/ ٣٤٧) ، والأدلة على أن مقام الرسالة أخص وأكمل من مقام النبوة كثيرة، ومنها قوله تعالى: "فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ" [الأحقاف: من الآية٣٥] ، فنوه الله سبحانه وتعالى بأولي العزم من الرسل وأمر نبيه أن يقتدي بصبرهم وثباتهم، وهم على أشهر الأقوال: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، وخاتم النبيين محمد عليهم الصلاة والسلام. وذكرهم الله بوصف الرسالة مما يدل على أن وصف الرسالة أخص وأكمل، وأخرج الإمام أحمد في مسنده (٢٢٢٨٨) من حديث أبي ذر - رضي الله عنه- قلت: يا رسول الله كم وَفَى - أي بلغ - عدة الأنبياء؟، قال: " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً "، وقد دلت السنة المتواترة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه خاتم الأنبياء والمرسلين ومن ذلك: ما جاء في الصحيحين البخاري (٣٥٣٥) ومسلم (٢٢٨٦) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً، فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين"، وفي رواية في (تاريخ دمشق) لابن عساكر من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-: "فكنت أنا سددت موضع تلك اللبنة، ختم بي البنيان، وختم بي الرسل" ذكرها السيوطي في الجامع الكبير، وكذلك ما جاء في الصحيحين البخاري (٣٥٣٢) ومسلم (٢٣٥٤) من حديث جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب، والعاقب الذي ليس بعده نبي"، وكذلك ما جاء في صحيح مسلم (١٩٢٠) عن ثوبان، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وإنه سيكون من أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين، ولا نبي بعدي"، وما جاء في صحيح مسلم (٥٢٣) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فضلت على الأنبياء بست، أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون".

<<  <  ج: ص:  >  >>