للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن عمارتها إحياؤها بالكتاب والسنة وإماتة البدعة، وإن من عمارتها ألا يرفع فيها إلا اسم الله سبحانه وتعالى فلا إله إلا الله تعني لا معبود بحق إلا الله، وإن من عمارتها أن يحكم فيها بالكتاب والسنة على قدر ولايتكم وسلطانكم داخل المسجد، فالحكم بما أنزل الله ليس مقصوراً على الخليفة بل في كل مرافق الحياة بما فيها الشرع المطهر الذي يسري على المساجد، وعليه فكما لا يخفى عليكم فالمسجد بيت الله ولا يُمنع من بيته أحد من الناس، وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – عن حكم دخول الكافر المساجد فأجاب: "أما المسجد الحرام؛ فلا يجوز دخوله لجميع الكفرة: اليهود، والنصارى، وعباد الأوثان، والشيوعيين؛ فجميع الكفرة لا يجوز لهم دخول المسجد الحرام، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا" [التوبة: من الآية٢٨] ، فمنع سبحانه من دخولهم المسجد الحرام، لا يهودي، ولا نصراني، ولا غيرهما، بل هذا خاص بالمسلمين، وأما بقية المساجد فلا بأس من دخولهم للحاجة والمصلحة، ومن ذلك المدينة، وإن كانت المدينة لها خصوصية، لكنها في هذه المسألة كغيرها من المساجد؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم- ربط فيها الكافر في مسجد النبي – صلى الله عليه وسلم-، وأقرَّ وفد ثقيف حين دخلوا المسجد قبل أن يسلموا، وهكذا وفد النصارى دخلوا مسجده عليه الصلاة والسلام، فدل على أنه يجوز دخول المسجد النبوي للمشرك، وهكذا بقية المساجد من باب أولى إذا كان لحاجة، إما لسؤال، أو لحاجة أخرى، أو لسماع درس ليستفيد، أو ليسلم ويعلن إسلامه، أو ما أشبه ذلك" انتهى. فإخوانكم الذين امتنعوا عن المساعدة في مصاريف المسجد من باب أولى، بل لا يجوز لأحد أن يمنعهم من المسجد، خاصة إذا كان مجيئهم واختلاطهم بإخوانهم مدعاة حتى ينتظموا مع جماعة المسجد، فالذئب يأكل من الغنم القاصية.

وإخوانكم كذلك – إن شاء الله- من المؤمنين، والله نهى أن تكون هذه المساجد وسيلة للتفريق بين المؤمنين، فقد بنى أهل النفاق مسجداً ضراراً، وكان قصدهم هو تفريق وتمزيق شمل الجماعة، فأنزل الله فيهم حكماً رادعاً، وتم حرق مسجدهم الفاسد بأمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: "وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادَاً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" [التوبة: من الآية١٠٧] .

<<  <  ج: ص:  >  >>