للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكفر البواح المجيز للخروج على السلطان]

المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٧/١٢/١٤٢٥هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قد علمنا من أحاديث رسول لله صلى لله عليه وسلم المتواترة أنه نهى عن الفتنة وشق عصا الطاعة، والخروج على ولاة الأمور، لكنه أوقف ذلك حين ظهور كفر بواح؟ سؤالي هو: ما هذا الكفر البواح؟ بارك لله فيكم ونفعنا الله وإياكم بما علمكم.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فالكفر البواح هو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث عبادة بن الصامت، رضي الله تعالى عنه، المتفق على صحته، وفيه: دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ، فَكانَ، فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا، أَنْ بَايَعَنَا عَلَى "السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ". صحيح البخاري (٧٠٥٦) وصحيح مسلم (١٧٠٩) . قال الخطابي: معنى "بواحًا" يريد ظاهرًا باديًا، من قولهم: باح بالشيء يبوح به بواحًا. إذا أذاعه وأظهره، وجاء في بعض الروايات: "بَرَاحًا". بالراء، وعند الطبراني- كما في الفتح ١٣/٨: "كفرًا صُرَاحًا". وعند البزار (٢٦٩٨) : "إِلَّا أنْ يَأْمُرُوكَ بِالْكُفْرِ صُرَاحًا". وكلها بمعنى واحد، ويدل على معنى البواح آخر الحديث. " عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ ". أي نص آية، أو خبر صحيح لا يحتمل التأويل، ومقتضاه أنه لا يجوز الخروج عليهم ما دام فعلهم يحتمل التأويل، وقد جاءت أحاديث أخر تشير إلى بعض صور هذا الكفر البواح، منها قوله صلى الله عليه وسلم: "..... لَا، مَا صَلَّوْا". أخرجه مسلم (١٨٥٤) . و: ".... مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاةَ". أخرجه مسلم (١٨٥٥) . و: " ... وَلَوْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا". أخرجه مسلم (١٨٣٨) . ولكن مع وجود الكفر الصراح الواضح البيِّن الذي عندنا فيه من الله دليل صريح، فإنه لا يجوز الخروج على السلطان إلا إذا كان هناك قدرة واستطاعة، وإلا فيجب الصبر حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر، وقَلَّ مَن خرج عن إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد فيه الخير، فلا يُهدم أصل المصلحة شغفًا بمزاياها كمن يبني قصرًا ويهدم مصرًا. والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>