للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عقيدة البداء]

المجيب صالح بن درباش الزهراني

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٠٥/٠٧/١٤٢٥هـ

السؤال

لماذا يحرم الاعتقاد بعقيدة البداء؟ وما حكمها؟ ولماذا لا يعتبر حديث تحويل الصلاة من خمسين صلاة لخمس صلوات تناقضاً مع عقيدتنا في البداء؟ وما الفرق بين النسخ والبداء؟ وشكراً.

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فإن البداء معناه: التغير في العلم من حال إلى حال.

كالظهور بعد الخفاء، كقوله -تعالى-: "وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله" [البقرة:٢٨٤] ، وقوله: "وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" [الزمر:٤٧] أي: ظهر لهم من الله ما لم يكونوا يتوقعونه

وكاستحداث رأي جديد وإنشائه، كقوله -تعالى-: "ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين" بمعنى: ثم نشأ لهم رأي جديد غير الرأي السابق.

والتغير في العلم يصح إطلاقه في حق البشر، فإذا ظهر للإنسان ما كان خافياً عليه، أو نشأ له رأي جديد قيل في حقه: (قد بدا له)

أما بالنسبة لله فإن التغير في العلم (البداء) بمعنييه السابقين لا يصح نسبته إليه، بل إن ذلك كفر -والعياذ بالله-

وذلك أن البداء يستلزم أن يكون مسبوقاً بالجهل، والجهل صفة نقص ينزه الله -تعالى- عنها؛ لأنه يناقض صفة علم الله المحيط بكل شئ، والشامل لكل شيء، والسابق على كل شيء، والذي لم يسبق بجهل ولا يلحقه جهل ولا نسيان..، والقول بالبداء مستلزم لوصف الله بالجهل والعياذ بالله من ذلك، فكان القول به في حقه سبحانه كفراً.

أما بالنسبة لعلم البشر فهو مسبوق بالجهل ويلحقه الجهل والنسيان..، فلا ضير أن يقال للمخلوق: (قد بدا له) .

والذين قالوا بالبداء في حق الله -تعالى- هم اليهود المغضوب عليهم، والمعروفون بنسبة القبائح إلى الله تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً وفي توراتهم المحرفة أشياء كثيرة من ذلك.

كما اشتهرت نسبة القول بالبداء إلى فرقة الكيسانية أو المختارية (كلاهما فرقة واحدة) ، واستقر القول بهذه العقيدة في مذهب الرافضة، وكتبهم مليئة بالروايات المقررة لهذه العقيدة الباطلة (راجع-على سبيل المثال- أصول الكافي وبحار الأنوار) ، وقد حاول بعض علمائهم تبرير القول بهذه العقيدة بتأويلها تأويلات تبعد الشنعة عنهم، إلا أنهم لم يفلحوا في ذلك، إذ المقرر في كتبهم يناقض هذه التبريرات.

والذي دعاهم للقول بها: أنهم ينسبون لأئمتهم أخباراً تتحدث عن المستقبل، فيأتي الواقع مكذباً لها، ويَعِدون أتباعهم بأمور ستحدث في المستقبل، كانتصارهم على أعدائهم، وحصول الغلبة لهم عليهم، وقد يحددون ذلك بتواريخ معينة، فيكذب الواقع كل ذلك، فيقعون في مأزق التناقض بين الإخبار بالغيب والوعد بأمور مستقبلية، وبين الواقع المحسوس، لذا أرادوا إزالة هذا التناقض وإبعاد صفة الكذب عنهم، وأنهم صادقون فيما أخبروا به، وليسوا بمتناقضين، فنسبوا ذلك التناقض والكذب إلى الله، ولكن عدّلوا في العبارة فقالوا: (قد بدا لربكم) تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، فنزهوا أنفسهم عن الكذب والتناقض ونسبوا ذلك إلى الله.

وأما النسخ:

<<  <  ج: ص:  >  >>