للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شبه حول تكليم الله لعباده]

المجيب د. محمد بن عبد الرحمن أبو سيف الجهني

عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٩/٠٧/١٤٢٥هـ

السؤال

السلام عليكم.

النبي إبراهيم - عليه السلام- طلب من المشركين أن يسألوا آلهتهم إذا كانت تتكلم ولم يقدروا، لأنها لم تكن آلهة، فكيف يكون الأمر وأنا أتكلَّم مع الله وهو لا يرد علي بكلام مسموع؟ هل يعني ذلك تشابه بين الله والأصنام؟.

الجواب

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

هذه الشبهة لم يوردها المنازعون لإبراهيم - عليه السلام- لما خاطبهم بهذه الحجة، مع أنهم أهل خصومة يجتهدون في محاجة الخصم، وها هي يلقيها الشيطان على لسان مسلم، كان الواجب أن يزعه إيمانه بالله، ورسوله، وكتابه، عن أن يتتبع الشبهات الفاسدة، ويكون منهجه قول الله في كلامه الذي سمعه منه جبريل - عليه السلام- وبلغه لرسوله - صلى الله عليه وسلم-: "وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ... " [الأعراف من الآية:٢٠٠] "وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ...." [فصلت من الآية:٣٦] ، ولما قال المكذبون لرسل الله، الكافرون بالله: "لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ... " [البقرة: من الآية١١٨] ، وهم لم يشتبهوا في أن الله يتكلم بل طلبوا أن يكلمهم! ردَّ الله عليهم بقوله: "وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ" [الشورى:٥١] ، فتكليمه سبحانه لا يكون إلا لخواص خلقه من الأنبياء والمرسلين، ولا يكون إلا بهذه الطرق الواردة في الآية أو بأحدها. وإنما لم يورد المنازعون لإبراهيم- عليه السلام-، ولا سائر المشركين هذه الشبهة التي أوردها السائل؛ لأنه ظاهر لهم أن الله الذي خلقهم كامل لا نقص في صفاته، وأن مقتضى ذلك أن يكون متكلماً، ولا حاجة في معرفة كونه متكلماً لسماع كلامه؛ لأنه إن لم يكن متكلماً فليس بخالق ولا إله، وإن كان خالقاً إلهاً فهو متكلم - وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل- وأما الأصنام فظاهر لهم أنها لا تتكلم أبداً، فهم صانعوها وأعلم بها، ولذلك تمت الحجة لإبراهيم - عليه السلام- ولم يعارضوه في ذلك بشبهة بل بمجرد المعاندة.

فهل المشركون أصح أذهاناً وأفقه فهماً من مسلم؟!! وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>