للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أوثان جديدة]

المجيب صالح بن درباش الزهراني

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٥/١٠/١٤٢٥هـ

السؤال

ما عبادة الأصنام بالتفصيل؟ وما تأثيرها على تفكير المسلم وسلوكه؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فالأصنام جمع صنم، وهو ما جعل على صورة إنسان أو غيره ليعبد من دون الله.

أما الأوثان فهي جمع وثن، وهو ما عبد من دون الله على أي وجه كان، وفي الحديث: "اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ". أخرجه مالك (٤١٦) وابن سعد ٢/٢٤١. وعليه فإن الوثن أعم من الصنم.

هذا هو المشهور في معنى الصنم والوثن.

أما عبادتها فتكون على صور متعددة حسب تعدد أنواع العبادة، فالسجود مثلًا عبادة، فإذا جعل لصنم أو وثن كان عبادة لذلك الصنم أو الوثن، والذبح عبادة، فإذا جعل لصنم أو وثن كان عبادة لذلك الصنم أو الوثن، وكذا النذر ونحوه. . ومثل ذلك العبادات القلبية كالحب والتوكل والإنابة والخوف والرجاء ونحو ذلك. . . . فإنها عبادات متعددة لا يجوز صرفها لغير الله تعالى، وإذا صرفت لغير الله كالأصنام والأوثان كانت عبادة لتلك الأصنام والأوثان.

قال تعالى فيمن يصرف عبادة الحب الخاصة بالله لغيره: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ) [البقرة: ١٦٥] . وقال في عبادة الخوف: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران: ١٧٥] . وقال في عبادة التوكل: (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [المائدة: ٢٣] . وقال في عبادة الإنابة إلى الله: (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [الروم: ٣١] . وبالجملة فكل ما ثبت أنه عبادة لله تعالى لا يجوز صرفه لغيره سبحانه، ومن صرفه لغير الله تعالى؛ مثل أن يصرفه لصنم أو نحوه، فقد عبد ذلك الصنم وجعله شريكًا لله في تلك العبادة؛ (وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلًا بَعِيدًا) [النساء: ١١٦] .

وعبادة الأصنام والأوثان ليست محصورة في المحسوسات وحدها بل هناك أصنام معنوية يتخذها بعض الناس آلهة من دون الله كالهوى المخالف لدين الله وشرعه، فمن اتبع هواه من دون الله فقد اتخذه إلهًا وصنمًا معبودًا من دون الله، قال تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفََلا تَذَكَّرُونَ) [الجاثية: ٢٣] .

ويدخل في الهوى كل المبادئ والأفكار والفلسفات المنحرفة عن الدين الحق، وقد كان السلف يسمون الذين يتبعون مثل هذه الأهواء أصحاب الأهواء والبدع.

وبهذا يعلم أن عبادة الأصنام ليست محصورة في نوع خاص أو شكل معين، فهي تتعدد بتعدد أنواع العبادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>