للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصفوف غير المتصلة في الصلاة!]

المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم

عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١٨/٠٣/١٤٢٦هـ

السؤال

السلام عليكم.

في بلادنا يوجد مكان خاص بالمؤذن، ويكون في الجهة الخلفية من المسجد، فعندما لا يمتلئ المسجد يكون هناك فراغ بين آخر صف من صفوف الصلاة وبين منطقة المؤذن ما لا يقل عن أربعة أمتار، فهل يجوز للمؤذن أن يصلي في تلك المنطقة مع هذا الفرق في المسافة؟ مع العلم أن بعض الناس يقومون بترك الصف الأخير من الصلاة ويصلون إلى جانب المؤذن، راجيًا أن تكون الإجابة متضمنة كم يجب أن تكون المسافة بين صف وآخر إذا كانت المسافة كبيرة؟ أفيدونا أثابكم الله.

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فما دام أن منطقة المؤذن داخل المسجد، فيجوز له أن يصلي فيها إذا لم يكن منفرداً في الصف، ولو كان بينه وبين الصف الأخير مسافة تزيد على أربعة أمتار، وقد حكى النووي الإجماع على الجواز في كتابه المجموع (٤/٣٠٢) ، حيث قال: (للإمام والمأموم في المكان ثلاثة أحوال: أحدها: أن يكونا في مسجد، فيصح الاقتداء سواء قربت المسافة بينهما أم بعدت لكبر المسجد، وسواء اتحد البناء أم اختلف، تصح الصلاة في كل هذه الصور وما أشبهها إذا علم صلاة الإمام، ولم يتقدم عليه، سواء كان أعلىمنه أو أسفل، ولا خلاف في هذا، ونقل أصحابنا فيه إجماع المسلمين) ا. هـ.

ثم وضَّح - رحمه الله- ما يحصل به العلم بصلاة الإمام، بقوله: (ويحصل له العلم بذلك بسماع الإمام، أو من خلفه، أو مشاهدة فعله، أو فعل من خلفه، ونقلوا الإجماع في جواز اعتماد كل واحد من هذه الأمور) ا. هـ.

وبهذا يعلم أن صلاة المأموم - سواء كان مؤذناً أو غيره- تصح خلف الإمام، ولو كان بين الصف الذي هو فيه، وبين الإمام أو الصف الأخير مسافة كبيرة، ما دام أنهم في مسجد واحد، وما دام أن المأموم يعلم صلاة الإمام بسماع الإمام أو من خلفه، أو مشاهدة فعل الإمام أو من خلفه، وأن هذا إجماع كما حكاه النووي، وكما حكاه أيضاً أبو البركات ابن تيمية، كما نقله عنه الشيخ ابن قاسم في حاشية الروض (٢/٣٤٧) رحم الله الجميع.

ولكن يتأكد أن أنبه - هنا- على أنه لا ينبغي للمأموم عموماً، وللمؤذن خصوصاً أن يتأخر عن الصفوف الأولى؛ لما في ذلك من مخالفة السنة، التي أُمرنا باتباعها، فقد جاءت الأحاديث الكثيرة بالترغيب في المسابقة إلى الصفوف الأُوَل، ومن ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه (٤٤٠) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ... " الحديث.

ومنها ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، يعني - من الثواب- ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" صحيح البخاري (٦١٥) وصحيح مسلم (٤٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>