للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كيف الجمع بين هذه الآية وهذا الحديث؟!]

المجيب د. محمد بن عبد الله القناص

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٠/٠٥/١٤٢٦هـ

السؤال

قال تعالى: "قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير.." [الأنعام: ١٤٥] ، ولكننا نعلم من الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن أكل الحمر الأهلية والسباع وغيرها. فكيف يكون التوفيق بين الآية والحديث؟ وفي صحيح البخاري روى عمرو: قلت لجابر بن زيد: "يزعم الناس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن أكل لحم الحمر، ولكن الحبر ابن عباس رفض أن يفتي في ذلك, وتلا: "قل لا أجد فيما أوحي إلي" الآية أرجو توضيح المسألة. وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله, وبعد:

ثبت في السنة النهي عن لحوم الحمر الأهلية, وعن كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، ففي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ. صحيح البخاري (٤١٩٨) ، وصحيح مسلم (١٩٤٠) ، وفيهما من حديث جابر -رضي الله عنه- قال: نَهَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ. صحيح البخاري (٤٢١٩) ، وصحيح مسلم (١٩٤١) ، وفيهما من حديث أبي ثعلبة -رضي الله عنه- قَالَ: حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ. صحيح البخاري (٥٥٢٧) ، وصحيح مسلم (١٩٣٦) ، وفي صحيح مسلم (١٩٣٣) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: " كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ"، وفيه (١٩٣٤) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِن السِّبَاعِ، وَعَن كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِن الطَّيْرِ".

وهذه الأحاديث تدل على تحريم ما ذكر، وهو قول جمهور العلماء، وأما الاستدلال بقوله تعالى:

(قُلْ لا أجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) [الأنعام:١٤٥] ، وكون ابن عباس أخذ بظاهرها، فيجاب عنه بما يأتي:

١- أن الاستدلال بالآية يتم فيما لم يرد فيه النص بالتحريم، والحمر الأهلية قد تواردت النصوص على تحريمها - كما سبق - والتنصيص على التحريم مقدَّم على عموم التحليل وعلى القياس.

٢- أن الآية الكريمة مكيَّة، والحصر فيها قبل أن يستجد تحريم ما ذُكر في السنة، فقد حُرمت أشياء بعد نزولها، والآية جاءت بصيغة الفعل الماضي: (قُلْ لا أَجِدُ) ، فمعنى ذلك أن وقت نزول الآية لم يحرم إلا ما ذكر فيها، ثم حرم أشياء بعد نزولها.

<<  <  ج: ص:  >  >>