للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- أن الآية جاءت في سياق نقض أقوال المشركين الذين حرموا أشياء بأهوائهم، وافتروا على الله عز وجل، ومن ذلك أنهم يجعلون بعض الأنعام محرماً ما في بطونها على الإناث دون الذكور، وأشياء أخرى ذكرت في الآيات، فجاءت هذه الآية الكريمة لتبين أنه لا يحرم من بهيمة الأنعام إلا الميتة، وما أهل لغير الله به، والله أعلم.

٤ - أن الله -سبحانه وتعالى- وصف المحرمات في الآية بأنها رجس، فما كان مشتركاً في هذا الوصف فيدخل في التحريم، وقد وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- الحمر الأهلية في حديث أنس - كما تقدَّم - بأنها رجس.

أما ما يروى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الاستدلال بالآية على أن الحمر الأهلية ليست محرمة -صحيح البخاري (٥٥٢٩) - فيجاب عنه بما يأتي:

١- أن ابن عباس - رضي الله عنهما - لم يتحقَّق له أن تحريم الحمر الأهلية تحريماً مؤبداً، بسبب ما جاء في بعض الروايات أنها حُرمت من أجل خوف قلة الظهر, أو لأنها لم تخمس أو لأنها جوالة القرية، أي جلالة تأكل النجاسات. انظر صحيح البخاري (٣١٥٥) ، وصحيح مسلم (١٩٣٧) ، وسنن أبي داود (٣٨٠٩) ، ومعجم الطبراني (١٢٢٢٦) ، ولهذا توقَّف ابن عباس هل كان تحريمها بسببٍ عارض أو على وجه التأبيد، ولكن حديث أنس في الصحيحين صريح بأنها حرمت لأنها رجس.

٢- أنه يروى عن ابن عباس أنه رجع عن رأيه هذا, وجزم بالتحريم. انظر المنتقى لابن الجارود (٧٣٢) , ومعجم الطبراني (١١٠٦٧) ،

قال ابن القيم: "والتحقيق أن ابن عباس أباحها أولاً؛ حيث لم يبلغه النهي فسمع ذلك منه جماعة فرووا ما سمعوه، ثم بلغه النهي عنها فتوقف هل هو للتحريم أو لأجل كونها حمولة، فروى ذلك عنه الشعبي وغيره، ثم لما ناظره علي بن أبي طالب جزم بالتحريم كما رواه عنه مجاهد" [تهذيب السنن (٥/٣٢٢-٣٢٣) ] .

<<  <  ج: ص:  >  >>