للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل زنا البكر من الصغائر؟]

المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٤/١١/١٤٢٦هـ

السؤال

عندي مشكلة، وهي أن بعض الناس يقولون: إن الزنا قبل الزواج صغيرة من الصغائر؛ وذلك لأن حدها مائة جلدة، ومائة جلدة قليلة. فأرجو منكم التفصيل بذكر الأدلة الصحيحة وأقوال العلماء في ذلك.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

نعوذ بالله من القول في دين الله بغير علم، كيف يجرؤ امرؤ مسلم أن يقول هذا الكلام؟!

وليس يصح في الأذهان شيءٌ *** إذا احتاج النهارُ إلى دليل

أخي الكريم: الزنا من كبائر الذنوب بلا شك ولا مرية، سواء كان من بكر أو ثيب، فهو من كبائر الذنوب باتفاق العلماء، قال الله تعالى: "ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا" [الإسراء:٣٢] .

فأخبر الله -تعالى- عن فحش الزنا في نفسه، وهو ما انتهى قبحه، وأخبر عن طريقه، وهو طريق البلاء والعار وضعف الإيمان وقلة الحياء والتقوى والخوف من الله -عز وجل- وقال الله تعالى: "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" [النور:٣] .

وقال عز وجل في جزاء وعقوبة الزاني والزانية، وتقرير أليم عذابهما، بعد ذكر الشرك بالله والقتل والزنا: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا" [الفرقان:٦٨-٦٩] . فقرن الله -عز وجل- الزنا بالشرك وقتل النفس، وجعل جزاء ذلك الخلود في العذاب المضاعف.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن". صحيح البخاري (٢٤٧٥) ، ومسلم (٥٧) .

ومعنى الحديث أنه لا يزني وهو كامل الإيمان، بل يكون واقعا في الفسق والمعصية الكبيرة إذا لم يستحل هذا الفعل، أما إن استحل الزنا فقد وقع في الكفر، والعياذ بالله؛ لأن اعتقاد حل الزنا تكذيب لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فما أشنع التسرع في الكلام في مثل هذا بألفاظ فيها استحلال الزنا أو تهوين أمره.

<<  <  ج: ص:  >  >>